الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز نسخ البرامج التي ينص أصحابها ومنتجوها على أن الحقوق محفوظة لهم إلا بإذن منهم، لأن هذه حقوق مملوكة وبذل أصحابها أموالا وجهودا لإنتاجها وإخراجها، فنسخها إبطال لهذه الحقوق، وإهدار لهذه الأموال والجهود، وإذا لم يكن هناك نص يمنع من التنزيل والاستخدام فلا مانع، وعلى كل حال يعمل في معرفة الإذن من عدمه بالعرف الجاري في هذا الشأن، وقد ذكر بعض أهل العلم أنه إذا احتاج المرء إلى نسخ البرامج لعدم وجود النسخة الأصلية أو العجز عن شرائها جاز له نسخها للنفع الشخصي فقط، بشرط ألا يتخذ ذلك وسيلة للكسب أو التجارة، ولا بد من الاقتصار هنا على قدر الحاجة، لأن الزيادة عليها بغي وعدوان وهو موجب للإثم. وانظر تفصيل هذه المسألة وأدلتها وأقوال أهل العلم فيها، وما يتعلق بالملكية الفكرية في الفتاوى التالية أرقامها: 13169، 6080، 9797، 34828.
وأما إذا أذن مشتري النسخة الأصلية في الانتفاع بها وعرضها لذلك، فلا حرج في تنزيلها والانتفاع بها لكن الغالب أن أصحاب البرامج يجعلون النسخ تصلح للتنزيل مرة واحدة حتى لا يستفيد منها أكثر من شخص.
وأما ندرة البرنامج وعدم توفره، فإن ذلك لا يبيح الاعتداء عليه، وكذلك إن كان مسروقا من الغير فذلك لا يبيح أخذه ولو بعوض، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فمن علمت أنه سرق مالاً أو خانه في أمانته و غصبه فأخذه من المغصوب قهراً بغير حق لم يجز لي أن آخذه منه، لا بطريق الهبة ولا بطريق المعاوضة ولا وفاء عن أجرة ولا ثمن مبيع ولا وفاء عن قرض، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم.
وأما اطلاعك على البرامج المعروضة في الإنترنت بغرض شرائها إن أعجبتك فلا حرج في ذلك، لكن دون تنزيلها، فإن قمت بتنزيلها دون شراء أو إذن فعليك أن تحذفها وتتخلص منها أو تدفع إلى أصحابها ثمنها لتبرأ من الإثم فيما بقي، وأما ما سبق من الاعتداء عليها بغير حق فلا يسقط إثمه حذفها أو شراؤها وإنما يسقط بإبراء صاحبه منه أو إيصال أجرة الاستخدام إليه أو التصدق بها عنه إن لم يمكن إيصالها إليه.
والله أعلم.