الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن أباكم -سامحه الله وغفر له- قد وقع في محارم الله وانتهك حرماته بهذه المعاصي، ثم بتضييعه لحقوقكم عليه. فإن الوالد كما له على ولده حق فإن لولده عليه أيضا حقا، ومن حقه عليه أن يعلمه ويؤدبه وينفق عليه.
ولكن ينبغي التنبه إلى أن تضييع الوالد لحقوق ولده لا يسوغ للولد أن يقابله بمثل ذلك، بل عليه أن يراقب الله في والده وأن يؤدي له حقوقه من البر والصلة على أكمل وجه، فإن حق الوالد على ولده لا يسقطه شيء.
وأنتم لا تطالبون بحب أبيكم من قلوبكم فإن أمر الحب والبغض لا يملكه الشخص وإنما هو بيد الله سبحانه وحده , ولكن الذي تطالبون به هو أن تحسنوا إليه في الظاهر، وتتجنبوا الإساءة إليه في حضوره وغيابه على السواء. أما أن تتظاهروا باحترامه حال وجوده فإذا غاب عنكم أخذتم في سبه وشتمه وأكل لحمه فهذا حرام لا يجوز بل إن سبه من أكبر الكبائر, ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه. قيل: يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه.
فهذا في حق من تسبب في سب والديه أو أحدهما، فكيف بمن باشر سبهما والعياذ بالله ؟ ولذلك تعجب الصحابة ممن يسب والديه لأن هذا أمر لا يكاد يصدق.
كما أن انتقاصكم له بذكر عيوبه ومساويه لا يجوز، لأن هذا من الغيبة، وإذا كانت الغيبة محرمة في حق عموم الناس فإنها في حق الوالد أشد.
والله أعلم.