الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأولى بهذه الفتاة أن توافق على الزواج من هذا الشاب الذي تقدم لها وارتضاه لها أبوها وذووها ما دام صاحب خلق ودين، فإن من البركة أن يجتمع في الخاطب الدين والخلق وميل القلوب إليه، لكنها إن لم توافق على الزواج منه فلا يجوز لوليها أباً كان أو غيره أن يجبرها على الزواج به، لأن إجبار المرأة على الزواج بمن لا تريده لا يجوز على ما سبق بيانه في الفتوى رقم: 31582.
يبقى بعد ذلك النظر في أمر الشاب الذي ترغب في الزواج منه، فإن كان صاحب دين وخلق فلا ينبغي أن يحال بينه وبين الزواج منها بحجة أنه دونها في المستوى التعليمي والاجتماعي، لأن الكفاءة تتحقق بالدين والخلق ولا عبرة بغيرهما من متاع الدنيا الزائل وعرضها الفاني. هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم، كما بيناه في الفتوى رقم: 19166.
أما إن كان هذا الرجل مطعوناً عليه في دينه أو خلقه بفسق ونحوه، فحينئذ يجوز لأوليائها أن يمنعوها من الزواج منه لأن الكفاءة حق للولي كما هي حق للمرأة.
قال جلال الدين المحلي رحمه الله: ... بخلاف ما إذا دعت إلى غير كفء فلا يكون امتناعه -الولي- عضلاً، لأن له حقاً في الكفاءة. انتهى.
فإن خفي على وليها حال هذا الشخص فعليه أن يسأل عنه من يعرف أحواله من أهل بلده أو جيرانه أو رفقائه في العمل ونحو ذلك كما جرت بذلك عادة الناس في استعلام أحوال الخاطبين، أما تزويج المرأة نفسها فلا يجوز بأي حال من الأحوال، فإن فعلت فإن زواجها يقع باطلاً، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 4832.
وعلى وليها أن يمنعها من الزواج بدون ولي، فإن خشي عليها أن تقع في الحرام مع هذا الشاب وكان هو عاجزاً عن أن يحول بينها وبين ذلك كأن تكون مثلاً في بلد تسمح قوانينه الوضعية بتسهيل الاختلاط المحرم وما ينشأ عنه من الفاحشة -والعياذ بالله- فإن الظاهر أن عليه أن يوافق على الزواج من غير الكفء دراً لكبرى المفسدتين، فلا يوجد في هذا الباب ما هو أسوأ من الزنا الصريح، فلا مفسدة هنا أكبر منه.
والله أعلم.