الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فصديقك قد أقسم أنه سيطلق زوجته إذا كانت قد تلفظت بالعبارة التى ذكرت، فإن لم يثبت قيامها بذلك فلا شيء عليه، وإن ثبت ذلك فيفيد الوعد بالطلاق ولا يلزمه أن ينفذه.
ففي المطلع على أبواب الفقه لابن أبى الفتح البعلي الحنبلي: ولا يحصل الحكم بالمضارع ولا بالأمر، لأن المضارع وعد كقولك: أنا أعتق وأدبر وأطلق، والأمر لا يصلح للإنشاء ولا هو خبر فيؤاخذ المتكلم به. انتهى.
قال محمد محمد المختار الشنقيطي فى شرح زاد المستقنع على الفقه الحنبلي: أما تعليق الطلاق بالمستقبل كما في الأفعال المضارعة سواء أدخل عليها الأدوات أو الحروف التي تدل على المستقبل أَوْلاً، فإنه لا يقع الطلاق في وقته، إلا إذا كان معلقاً على المستقبل، ويقع بوقوع ما علق عليه، لكن من حيث الأصل: لو قال لها: سوف أطلقك أو تطلقين، فهذا وعد بالطلاق، وهذا كله لا يقع به الطلاق، فالمضارع والمضاف إلى المستقبل لا يقع به الطلاق إلا إذا كان مقيداً بشرط. انتهى.
وإذا لم ينفذ وعده بالطلاق فتلزمه كفارة يمين، وهذا أفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه.
وأنواع هذه الكفارة سبق بيانها فى الفتوى رقم: 107238.
وإذا قال: إن قلت كذا فأنت طالق. وقع الطلاق ـ إن تلفظت الزوجة بتلك العبارة ـ عند جمهور أهل العلم بمن فيهم المذاهب الأربعة خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية القائل بلزوم كفارة يمين إذا لم يقصد الزوج طلاقا، وإنما قصد اليمين أو التهديد مثلا كما تقدم في الفتوى رقم: 19162.
وفي حال وقوع الطلاق فلهذا الزوج مراجعة زوجته قبل تمام عدتها إذا لم يكن هذا هو طلاقها الثالث، وما تحصل به الرجعة قد تقدم بيانه فى الفتوى رقم: 30719.
وعدتها تنتهي بطهرها من الحيضة الثالثة بعد الطلاق، أو مضي ثلاثة أشهر إن كانت ممن لا يحضن، أو ووضع حملها إن كانت حاملا.
فإن كان قد طلقها ثلاثا فقد حرمت عليه، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا - نكاح رغبة لا نكاح تحليل- ثم يطلقها بعد الدخول.
والله أعلم.