الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا الرجل لا يخلو من أحد احتمالين، الأول: أن يكون رجوعه إلى المأذون إنما كان يريد منه توثيق الطلقة التي حسبها حصلت بسبب حنثه في الطلاق المعلق على خروج الزوجة، وفي هذه الحالة لا تعتبر الزوجة مطلقة لأنه لم يكن يريد إنشاء طلاقها ولم يحصل الشرط الذي علقه عليه، والاحتمال الثاني: أنه أراد طلاقها عند المأذون بسب زعمه أنها خرجت من المنزل، وفي هذه الحالة قد اختلف أهل العلم فذهب بعضهم إلى أنها لا تعتبر مطلقة، لأنه طلقها لسبب لم يكن موجودأ، فكأنه قال هي طالق لأنها خرجت من البيت، قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وكذلك لو طلق امرأته بصفة ثم تبين بخلافها، مثل أن يقول أنت طالق أن دخلت الدار -بالفتح- أي لأجل دخولك الدار ولم تكن دخلت، فهل يقع به الطلاق؟ على قولين في مذهب أحمد وغيره، وكذلك إذا قال: أنت طالق لأنك فعلت كذا ونحوه ولكن تكن فعلته.
وقال ابن القيم فى إعلام الموقعين: وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ثلاثا لأجل كلامك لزيد وخروجك من بيتي، فبان أنها لم تكلمه ولم تخرج من بيته لم تطلق، صرح به الأصحاب قال ابن أبي موسى في الإرشاد ... والمقصود أنه إذا علل الطلاق بعلة ثم تبين انتفاؤها، فمذهب أحمد أنه لا يقع بها الطلاق, وعند شيخنا لا يشترط ذكر التعليل بلفظه, ولا فرق عنده بين أن يطلقها لعلة مذكورة في اللفظ أوغير مذكورة, فإذا تبين انتفاؤها لم يقع الطلاق، وهذا هو الذي لا يليق بالمذهب غيره، ولا تقتضي قواعد الأئمة غيره، فإذا قيل له: امرأتك قد شربت مع فلان أو باتت عنده، فقال: اشهدوا علي أنها طالق ثلاثا، ثم علم أنها كانت تلك الليلة في بيتها قائمة تصلي، فإن هذا الطلاق لا يقع به قطعا.انتهى.
وجمهور أهل العلم على أنها تعتبر مطلقة وجدت العلة أو لم توجد.
جاء في فتح القدير: ولو قال أنت طالق أن دخلت بفتح الهمزة وقع في الحال وهو قول الجمهور، لأنها للتعليل ولا يشترط وجود العلة.
وما عليه الجمهور هو الأحوط.. وعليه؛ تكون الزوجة مطلقة في هذه الحال.
والله أعلم.