الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأرض المذكورة ملك لمن اشتراها من الدولة وتولى دفع رسوم التمليك . وبناء عليه، فإن كانت الأم هي التي دفعت ثمن الأرض فهي لها وإلا فهي لمن دفع ثمنها، ولا اعتبار بقرار مصادرة الأراضي الزراعية لأنه غصب بين، ولا يجوز للدولة أن تنزع من أحد ما ثبت أنه ملك له إلا لمصلحة معتبرة شرعاً، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 4429.
وعلى فرض وجود مصلحة شرعية في نزع ملكية هذه الأرض من أصحابها، فيجب تعويضهم تعويضاً مناسباً بما لا يقل عن ثمن المثل، وإن لم تكن هناك مصلحة شرعية، أو وجدت ولم يعوض أصحاب هذه الأرض فحكم ذلك حكم الغصب، ولمعرفة ما يترتب عليه ترجى مراجعة الفتويين: 35109، 9660.
وعلى كل فالأرض المذكورة باقية على ملك من دفع ثمنها سواء أكانت الأم أو غيرها، ولايلزمكم دفع أجرة عنها للدولة لأنها ملك لكم، فإن استطعتم التحايل على تلك الأجرة والتهرب منها فلاحرج .
وأما بيعكم للأرض إن كان بعد مصادرة الدولة لها -كما هو الظاهر- فلا يصح لأنها مغصوبة ولا يمكن تسليمها فلا يصح بيعها إلا لغاصبها أو من يستطيع تخليصها منه.
جاء في التاج والإكليل : قال ابْنُ عَرَفَةَ : بَيْعُ الْمَغْصُوبِ رَبَّهُ وَهُوَ بِيَدِ الْغَاصِبِ مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ وَالْغَاصِبُ لَا يَأْخُذُهُ حُكْمٌ فَاسِدٌ إجْمَاعًا.
وقال المرداوي في الإنصاف: بَيْعُ الْمَغْصُوبِ من غَاصِبِهِ صَحِيحٌ بِلَا نِزَاعٍ، وَبَيْعُهُ مِمَّنْ يَقْدِرُ على أَخْذِهِ من الْغَاصِبِ صَحِيحٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ.
وهنا قد بيعت الأرض لغير غاصبها - والظاهر أنه أيضا لا يستطيع تخليصها- فلم يصح البيع فهو فاسد، وعليه يلزمكم رد الثمن إلى المشتري وتبقى الأرض أرضكم حتى تعيدها الدولة إليكم. لكن إن استطعتم التخلص من الأجرة فلا حرج عليكم كما ذكرنا.
وأما إن كان البيع قد تم قبل غصب الأرض فإنه حينئذ يعتبر بيعا صحيحا إن كان مستوفيا شروط صحته، وتكون الأرض لمن اشتراها والثمن لمن هو مالك للأرض. وللفائدة انظر الفتوى رقم:23644.
والله أعلم.