الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يصح أن تزوج المرأة نفسها أو توكل غيرها ليزوجها، وإنما الذي يزوجها هو وليها الشرعي، وإذا تزوجت بدون ولي فالزواج باطل عند جمهور العلماء، خلافاً للإمام أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ ومذهب الجمهورهوالراجح لقوة أدلته، وانظر لذلك الفتوى رقم: 111441.
وعلى ذلك فما قام به رب العمل من تزويج هذه المرأة لك فهو عقد فاسد والواجب عليكما التوبة مما فعلتما، أما عن زواج هذه المرأة من الرجل الآخر قبل طلاقك لها، فإنه غير جائز أيضاً عند أكثر أهل العلم، لأنه على الرغم من فساد النكاح بلا ولي إلا أن الفقهاء اختلفوا في حاجة مثل هذه الأنكحة المختلف فيها إلى فسخ أو طلاق، قال ابن قدامة الحنبلي: وإذا تزوجت المرأة تزويجاً فاسداً لم يجز تزويجها لغير من تزوجها حتى يطلقها أو يفسخ نكاحها، وإذا امتنع من طلاقها فسخ الحاكم نكاحه، نص عليه أحمد، وقال الشافعي: لا حاجة إلى فسخ ولا طلاق، لأنه نكاح غير منعقد أشبه النكاح في العدة، ولنا أنه نكاح يسوغ فيه الاجتهاد فاحتيج في التفريق إلى إيقاع فرقة كالصحيح المختلف فيه، ولأن تزويجها من غير تفريق يفضي إلى تسليط زوجين عليها كل واحد منهما يعتقد أن نكاحه الصحيح ونكاح الآخر الفاسد، ويفارق النكاح الباطل من هذين الوجهين، وإذا زوجت بآخر قبل التفريق لم يصح الثاني أيضاً.
وعلى ذلك فما دام هذا الأمر محل خلاف بين العلماء فينبغي أن يرفع الأمر للمحكمة الشرعية للفصل فيه، فإن حكم القاضي يرفع الخلاف، أما عن ضوابط الاستفتاء، فمن كان من العوام فإنه يجوز له تقليد مذهب معين والعمل بما فيه، أو سؤال من يثق في علمه لكن دون اتباع للهوى، أو تتبع للرخص، قال النووي في روضة الطالبين: وليس له التمذهب بمجرد التشهي، ولا بما وجد عليه أباه، هذا كلام الأصحاب، والذي يقتضيه الدليل أنه -أي العامي- لا يلزمه التمذهب بمذهب، بل يستفتي من يشاء، أو من اتفق، لكن من غير تلقط للرخص. وانظر لذلك الفتوى رقم: 5583.
والله أعلم.