الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن ما حدث بينك وبين هذه المرأة من الخلوة وتبادل النظرات والأحاديث وغيرها قبل الزواج أمر محرم لا يرضي الله سبحانه، ولعل من نتاج شؤمه وعقوبته ما أصبحت تعاني منه من همّ واصب ونكد دائب بعد زواجك بها، فإن المعاصي تظهر عقوباتاها ولو بعد حين، قال الله سبحانه: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى. {طه:124}. وقد قال الله سبحانه: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا. {النساء: 123}. وقد روى ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ. الآية وكل شيء عملناه جزينا به؟ فقال: غفر الله لك يا أبا بكر ألست تمرض؟ ألست تحزن؟ ألست يصيبك اللأواء؟ قال: فقلت بلى. قال: هو ما تجزون به. انتهى.
فدل هذا الحديث على أن ما يصيب المؤمن من هم وحزن وكآبة إنما هو بسبب ذنوب تقدمت منه ولكن هذا برحمة الله وفضله يكون كفارة لذنوبه.
فالواجب عليك هو أن تتوب إلى الله جل وعلا مما كان منك من علاقتك السابقة بهذه المرأة.
وأما عن زواجك منها فلم تذكر لنا كيفية هذا الزواج، فإن كانت هي التي زوجتك بنفسها فإن الزواج بها باطل لأن المرأة لا يزوجها إلا وليها أو الحاكم عند عدم الولي، فإن عدم الولي والحاكم فحينئذ يزوجها رجل من المسلمين بإذنها.
أما إن كان وليها هو الذي زوجكها أو لم يكن لها ولي فزوجكها غيره من عدول المسلمين نظرا لتعذر التزويج عبر القضاء فالزواج صحيح.
يبقى بعد ذلك النظر في تطليقك لها فنقول:
أما طلاقك لها عن طريق رسالة الجوال فإنه واقع ما دمت قد قصدت به الطلاق، وأيضا فإن طلاقك الثاني لها أمام الناس واقع.
أما ألفاظ الطلاق السابقة على ذلك مما ذكرت أنك قد تلفظت بها أثناء المشكلات فهذا لا نقدر على إفتاءك بشأنه لأنك لم تبين لنا حقيقته، ولكنا على العموم نقول: إن كنت قد أوقعت الطلاق عليها صريحا فإنه يقع مهما كانت نيتك، وأيضا يقع الطلاق إن كنت قد علقت وقوعه على شيء ووقع المعلق عليه إذا كنت قاصدا وقوع الطلاق عند حدوث الفعل المعلق عليه، وإذا كان قصدك مجرد التهديد للامتناع عن الفعل فقد اختلف أهل العلم في وقوعه. والذي عليه الأئمة الأربعة وأكثر أتباعهم هو أنه واقع، وخالف في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وأخرون، والراجح عندنا هو الوقوع.
مع العلم أن الرجل إذا طلق زوجته ثلاث تطليقات فإنها تكون قد حرمت عليه ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها.
والله أعلم.