الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يتمّ عليك نعمته وينفعك بالقرآن ويجعله حجة لك يوم القيامة وأن يجعلك سبب هداية لأسرتك، فلا شكّ أنّ المؤمن يحبّ الهداية للناس جميعاً وأولى الناس بذلك أهله وعشيرته، لكنّ الهداية أمرها بيد الله وحده وما على العبد إلّا بذل الوسع في النصح والدعاء.
قال تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين{القصص: 56}.
وقال تعالى: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ {البقرة: 272}.
واعلمي أنّ الدعوة تحتاج إلى الحكمة و الصبر والحذر من اليأس أو تعجّل النتائج، ومن أعظم وسائلها الاستعانة بالله والإحسان إلى المدعو والإلحاح في الدعاء له بظهر الغيب، فالذي ننصحك به أن تجتهدي في الإحسان إلى أهلك وخاصة والديك، فإنّ حقّهما عظيم وبرّهما وطاعتهما في المعروف من أوجب الواجبات ومن أعظم أسباب رضا الله، وحقّ الأمّ آكد فاحذري التقصير في برّها وطاعتها في المعروف، ثمّ داومي النصح لأسرتك برفق ولين وتخيّري الوقت المناسب والأسلوب الملائم، ويمكنك الاستعانة في ذلك بإهداء بعض الأشرطة أو الكتب أو التوجيه للمواعظ والدروس بالمساجد أو البرامج التي تبث على القنوات الفضائية
أمّا عن الحجاب فاعلمي أنّ الشرع لم يحدد لباساً معيناً للمرأة، وإنما ذكر العلماء شروطاً إذا توفرت في أي نوع من أنواع اللباس فهو الحجاب الذي أمرت به، وهي مبينة بالفتوى رقم :6745.
وبخصوص رغبتك في لبس النقاب ورفض أمّك فلا تلزمك طاعة أمّك في هذا الأمر، لكن ينبغي أن تجتهدي في إقناعها بفضيلته وإطلاعها على كلام أهل العلم في حكمه.
وبقي أن ننبهك إلى إلى أمر مهم وهو أن المسلم لا يكفر ولا يخرج عن الإسلام بارتكابه لكبائر الذنوب إلا ما ورد عن الشرع التكفير به مع تحقق شروط التكفير وانتفاء موانعه، أما ماعدا ذلك من الذنوب فإن صاحبها تحت مشيئة الله ـ إن شاء غفر له وإن شاء عذبه ـ بقدر ذنبه وأدخله الجنة، وإنما احتجنا إلى هذا التنبه لأننا رأينا في سؤالك ما يدعو إليه، فقد قلت أريد أن أكون مؤمنة وأسرتي أيضا ولكن لا فائدة، فهذه العبارة موهمة فإن كنت تقصدين الإيمان الكامل فصحيح وإلا فلا، وفقك الله لكل خير.
والله أعلم.