الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن إدخال آية من القرآن أو جزء منها أو جزء من الحديث في كلام المتكلم دون عزو لها هو ما يسمى: بالاقتباس وهو جائز إذا كان مقصد الكلام مفيدا، وأما الاقتباس في مجال الغزل والهزل والأساليب المخالفة للعقيدة فهو محرم، فقد قال السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن: سئل عنه الشيخ: عز الدين بن عبد السلام فأجازه، واستدل له بما ورد عنه من قوله في الصلاة وغيرها: وجهت وجهي... إلى آخره، وقوله: اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا اقض عني الدين وأغنني من الفقر، وفي سياق كلام لأبي بكر: وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، وفي آخر حديث لابن عمر: قد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة. انتهى.
وهذا كله إنما يدل على جوازه في مقام الوعظ والثناء والدعاء، وفي النثر لا دلالة فيه على جوازه في الشعر وبينهما فرق، فإن القاضي أبا بكر من المالكية صرح بأن تضمينه في الشعر مكروه وفي النثر جائز.
واستعمله أيضا في النثر القاضي عياض في مواضع من خطبة الشفا.
وقال الشرف إسماعيل بن المقرئ اليمني صاحب مختصر الروضة في شرح بديعيته: ما كان منه في الخطب والمواعظ ومدحه ولو في النظم فهو مقبول وغيره مردود، وفي شرح بديعية ابن حجة: الاقتباس: ثلاثة أقسام مقبول، ومباح، ومردود، فالأول: ما كان في الخطب والمواعظ والعهود، والثاني: ما كان في القول والرسائل والقصص، والثالث على ضربين: أحدهما: ما نسبه الله إلى نفسه ـ ونعوذ بالله ممن ينقله إلى نفسه ـ كما قيل عن أحد بني مروان أنه وقع على مطالعة فيها شكاية عماله: إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم، والآخر: تضمين آية في معنى هزل ـ ونعوذ بالله من ذلك ـ كقوله: أوحى إلى عشاقه طرفه: هيهات هيهات لما توعدون، قلت: وهذا التقسيم حسن جدا وبه أقول. انتهـى.
وإذا اقتبس شاعر أو كاتب جملة أو ألفاظا من القرآن، فإن هذا المقطع لا ينال حكم القرآن في وجوب تجويده واحترامه.
وأما الآلات الموسيقية المحرمة، فلا يجوز استعمالها ولا سماعها ولا الرقص عليها مطلقا، فالأغاني المصحوبة بالموسيقى والمعازف محرمة ـ ولو كانت في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ـ وقد سبق أن بينا أدلة ذلك ونقلنا كلام العلماء فيه في الفتاوى التالية أرقامها : 66001، 54316، 35708، 26409.
ويجوز سماع الأناشيد التي ليس بها موسيقى ولا دعوة للحرام، ويدل لذلك سماع النبي صلى الله عليه وسلم لأناشيد الصحابة، حيث كانوا ينشدونه:
نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا.
كما في حديث البخاري.
وأما الدف فقد اشترط أهل العلم لجواز الضرب به أن يكون خاصا بالنساء على الراجح، وأن لا يصاحبه منكر واختلفوا: هل يشترط أن يكون في عرس؟ أم يجوز في جميع مناسبات الأفراح؟ وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 515، 16409، 5282.
والله أعلم.