الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرت لاضرورة فيه، وإقدامك على القرض الربوي لأجله حرام لأنك تجدين بيتا تسكنين فيه، وإذا كان لا يمكن سكناه فيمكنك إيجار بيت حيث شئت، ولا يجوز الإقدام على الربا أوغيره من المحرمات إلا عند الضرورة. وتعرفّ الضرورة بأنها بلوغ المكلف حداً إن لم يتناول الحرام هلك أو قارب على الهلاك. ومن وجد مسكناً يسكنه ولو بالأجرة لم يكن مضطراً إلى الربا.
قال بعض أهل العلم مبينا حد الضرورة: هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو -أي عضو من أعضاء النفس- أو بالعرض أو بالعقل أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام أو ترك الواجب أو تأخيره عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. انتهى. من نظرية الضرورة الشرعية.
وقال الشيخ المودودي: لا تدخل كل ضرورة في باب الاضطرار بالنسبة للاستقراض بالربا، فإن التبذير في مجالس الزواج ومحافل الأفراح والعزاء ليس بضرورة حقيقية، وكذلك شراء السيارة أو بناء المنزل ليس بضرورة حقيقية، وكذلك ليس استجماع الكماليات أو تهيئة المال لترقية التجارة بأمر ضرورة، فهذه وأمثالها من الأمور التي قد يعبر عنها بالضرورة والاضطرار ويستقرض لها المرابون آلافاً من الليرات لا وزن لها ولا قيمة في نظر الشريعة، والذين يعطون الربا لمثل هذه الأغراض آثمون. انتهى.
وخلاصة الأمر أن الاقتراض بالربا من المحرمات القطعية الثابتة التي لا مجال للتلاعب بها، ولا يباح الاقتراض بالربا إلا في حالة الضرورة، وأن الضرورة تقدر بقدرها، ولا يدخل تملك المسكن في ذلك ما دام المرء يجد سكناً يؤيه هو ومن يعول ولو بإجارة، بدون أن تلحقه مشقة يعجز عن تحملها.
فعليك أن تتوبي إلى الله تعالى مما وقعت فيه من الربا، ومتى استطعت التخلص من ذلك القرض فتجب عليك المبادرة إليه سيما إن كان في استعاجلك إسقاط للفوائد المترتبة عليه.
أما الشقة المشتراة من القرض الربوي فلا يجب التخلص منها.
والله أعلم.