الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا شك في أهمية الحرص على تحري المسلم في الألفاظ التي ينطقها وحرصه على سلامة معتقده ومعتقد إخوانه وأمته، ولكن أهم ما يعين على هذا هو تعلم أمور التوحيد والاعتقاد الصحيح والتفقه والسعي في تعليمها والتحذير مما يخالفها، فلا يسوغ أن يكفر الإنسان غيره دون استناد لدليل صحيح، والحكم في هذه المسألة المذكورة في السؤال يحتاج كذلك إلى علم ودراية بلغة العرب إضافة إلى الدراية بعلم التوحيد، فالفطر يأتي بمعنى الخلق، كما ذكر في السؤال ومنه في القرآن: فطرهن، وفطرني، وفاطر السموات.
ويطلق على ابتداء عمل الشيء وبه في فاطر السموات، كما روى ابن أبي حاتم وابن عبد البر عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: لم أكن أدري ما فاطر السموات والأرض حتى أتى أعرابيان يختصمان، فقال أحدهما أنا فطرتها أي ابتدأتها. اهـ.
ويطلق الفطر على الشق، يقال فطره فانفطر أي شقه، كذا في اللسان.
وقد نقل بعض علماء اللغة أن فطر الصائم جاء فيه الثلاثي، كما جاء فيه الرباعي، وبناء عليه فيصح أن يقال فطر الصائم فهو فاطر، كما يقال أفطر فهو مفطر، فقد قال صاحب القاموس: فطر الصائم يفطر فطورا أكل وشرب كأفطر. اهـ.
ونقل صاحب اللسان عن ابن سيده قال: فطر الشيء أنشأه وبدأه وفطرت إصبع فلان ضربتها فانفطرت دما، والفطر للصائم وقد أفطر وفطر. اهـ.
وبناء على هذا يعلم أنه لا يجوز الحكم بالشرك على من قال أنا فاطر إذا قصد نقيض الصوم، ومثله من قال أنا فاطر، هذا يعني أنه ابتدأ عمله، كما يدل له أثر ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ السابق، بل إنه لا يكفر من وصف شخصا بالصفات التي يشترك فيها الخالق والمخلوق في اللغة مثل الكريم والعظيم والرحيم، فقد قال الله تعالى في شأن عرش بلقيس إخبارا عن الهدهد: وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ {النمل:23}.
وقال في شأن النبات: فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ {لقمان 10}. وقال في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ {التوبة: 128}.
والله أعلم.