الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لنا ولك العافية، ونفيدك أن المرأة يجوز لها الفطر لمرض اعتبره الطبيب الثقة مسوغاً للفطر. ويجوز لها استعمال العقاقير أو الإبر التي تمنع نزول الحيض إذا أمر بها الطبيب وأمن ضررها وقد جرب كون هذه الموانع تسبب مشاكل في شأن الحيض.
ومن المعلوم عند الفقهاء أن المرأة تعتبر مستحاضة تصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة إذا أصابها نزيف بحيث استمر جريان الدم معها أكثر من خمسة عشر يوماً على قول جمهور العلماء وهو الراجح، فإن كانت معتادة بأن كانت لها عادة سابقة تعرفها فعليها أن تعتبر مدة العادة حيضاً وأن تعتبر ما زاد استحاضة، وإن كان لها تمييز صالح بحيث كانت تعرف صفة دم الحيض بلونه وريحه وغلظه وتميزه من دم الاستحاضة جلست ما ميزته حيضاً، واعتبرت ما زاد استحاضة، وإن كان لها عادة وتمييز فالشافعي يرى تقديم التمييز على العادة، وأحمد يرى تقديم العادة على التمييز، ولعل قول أحمد أرفق بالنساء، وإن لم تكن معتادة ولا مميزة جلست غالب عادة نساء أهلها ستة أو سبعة أيام.. وما زاد فهو استحاضة.
ففي الحديث الذي رواه الترمذي وصححه أبو داود واللفظ له: عن حمنة بنت جحش قالت: كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش، فقلت يا رسول الله: إني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها قد منعتني الصلاة والصوم؟ فقال: أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم، قالت: هو أكثر من ذلك، قال: فاتخذي ثوباً، فقالت: هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سآمرك بأمرين أيهما فعلت أجزأ عنك من الآخر. وإن قويت عليهما فأنت أعلم، قال لها: إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلي ثلاثاً وعشرين ليلة أو أربعاً وعشرين ليلة وأيامها وصومي فإن ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن، وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين الظهر والعصر، وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الفجر فافعلي وصومي إن قدرت على ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهذا أعجب الأمرين إلي. انتهى.
وأما قضاء الصوم فهو واجب ولا يغني عنه الإطعام ما دمت ترجين إمكانية القضاء وذلك لما في حديث عائشة أنها قالت: كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة. متفق عليه.
وانظري في ذلك الفتويين: 100581، 71161.
والله أعلم.