الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعدل بين الأولاد في العطايا والهبات واجب على الراجح من كلام أهل العلم, وقد بينا ذلك في الفتويين: 14254, 111127.
وقد اختلف العلماء في كيفية تحقق هذا العدل، فذهب بعضهم إلى أن العدل لا يحصل إلا بالتسوية بين الجميع ذكرانا وإناثا, وهذا هو المرجح عندنا في الموقع كما بيناه في الفتوى رقم: 112748.
وذهب فريق آخر من أهل العلم إلى أن العدل يتحقق بإعطاء الأنثى نصف نصيب الذكر على هيئة الميراث الشرعي.
قال ابن قدامة معللا لهذا الرأي: ولأن الذكر أحوج من الأنثى من قبل أنهما إذا تزوجا جميعا فالصداق والنفقة ونفقة الأولاد على الذكر , والأنثى لها ذلك. فكان أولى بالتفضيل لزيادة حاجته، وقد قسم الله تعالى الميراث ففضل الذكر مقرونا بهذا المعنى فتعلل به، ويتعدى ذلك إلى العطية في الحياة. انتهى.
وعلى ذلك فمن أخذ بهذا الرأي الثاني مقلدا لأهل العلم القائلين به فلا حرج عليه في ذلك. ويتوجب على هذا الرجل أن يتدارك ما حدث منه من تفضيل بعض أولاده على بعض. فإما أن يسترد الزيادة أو يعطي باقي إخوته مثلها.
مع التنبيه على أن التفضيل إذا كان له مسوغ كأن يحتاج بعض ولده لمال ـ لمرض أو لكثرة عيال أو لاشتغال بطلب العلم ـ دون البقية ، أو يحتاج الأب إلى منع بعض أولاده من المال لفسقه أو بدعته فهذا لا حرج فيه كما بيناه في الفتوى رقم: 6242.
والله أعلم.