الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولا أن الواجب على من سمع نداء الجمعة وهو من أهل الوجوب أن يبادر بالذهاب إلى الجمعة، لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الجمعة: 9}.
وأما إذا فاتتك الخطبة أو بعضها أو فاتك بعض الصلاة، فإنك تصلي جمعة إلا أن يكون ما أدركته مع الإمام أقل من ركعة فحينئذ تتمها ظهرا، فإذا أدركت الإمام في الركعة الأولى فإنك تصلي معه وتحسب لك جمعة، وإذا أدركته في الركعة الثانية فإنك تأتي بركعة بعد سلام الإمام وتكون مدركا للجمعة، وإذا أدركته بعد ما رفع من ركوع الركعة الثانية لم تكن مدركا للجمعة وأتممها ظهرا، هذا هو قول الجمهور، وهو الموافق للدليل، وذهب بعض التابعين إلى أن من فاتته الخطبة صلى أربعا، وذهب الحنفية إلى أن الجمعة تدرك بإدراك الإمام قبل أن يسلم، قال النووي ـ رحمه الله: فرع في مذاهب العلماء فيما يدرك به المسبوق الجمعة، قد ذكرنا أن مذهبنا أنه إن أدرك ركوع الركعة الثانية أدركها وإلا فلا وبه قال أكثر العلماء حكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وابن عمر وأنس بن مالك وسعيد بن المسيب والأسود وعلقمة والحسن البصري وعروة بن الزبير والنخعي والزهري ومالك والأوزاعي والثوري وأبي يوسف وأحمد واسحق وأبي ثور، قال: وبه أقول، وقال عطاء وطاوس ومجاهد ومكحول من لم يدرك الخطبة صلى أربعا، وحكى أصحابنا مثله عن عمر بن الخطاب، وقال الحكم وحماد وأبو حنيفة من أدرك التشهد مع الإمام أدرك الجمعة فيصلى بعد سلام الإمام ركعتين وتمت جمعته، دليلنا الحديث الذي ذكرته عن رواية البخاري ومسلم. انتهى.
وأراد بهذا الحديث حديث أبي هريرة المتفق عليه، من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة.
واستدل العلماء بحديث آخر وهو حديث أبي هريرة عند ابن ماجه وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى. وصححه الحاكم وغيره.
والله أعلم.