الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيستحب الاشتغال بالأذكار التي تقال بعد الصلاة بمجرد الانتهاء منها؛ اقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومبادرة بالأعمال فإنه لا يدري ما يعرض له، وتعرُّضًا لدعاء الملائكة واستغفارهم؛ فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّى عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِى مُصَلاَّهُ الَّذِى صَلَّى فِيهِ ، مَا لَمْ يُحْدِثْ ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ.
وإذا تكلم من يأتي بالأذكار التي تقال بعد الصلاة أو عرض عارض يستدعي قطع الذكر فلا يضر إن شاء الله تعالى، بل قد يجب أو يستحب قطع الذكر في أحوال.
قال الإمام النووي رحمه الله في الأذكار: فصل: في أحوال تعرض للذاكر يستحب له قطع الذكر بسببها ثم يعود إليه بعد زوالها: منها إذا سلم عليه رد السلام ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا عطس عنده عاطس شمته ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا سمع الخطيب، وكذا إذا سمع المؤذن أجابه في كلمات الأذان والإقامة ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا رأى منكرًا أزاله، أو معروفًا أرشد إليه، أو مسترشدًا أجابه ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا غلبه النعاس أو نحوه. وما أشبه هذا كلها.هـ.
ومثل قطع الذكر بالكلام لحاجة قطعه بالانتقال من مكان صلاته سواء عاد إليه بعد فراغ حاجته أم لا، وانظر الفتويين: 49831، 96553.
ولتمام الفائدة ننقل لك نصيحة ذهبية من الإمام النووي أودعها كتابه الأذكار، حيث قال رحمه الله تعالى: ينبغي لمن كان له وظيفة من الذكر في وقت من ليل أو نهار، أو عَقِيب صلاة أو حالة من الأحوال ـ ففاتته: أن يتداركها ويأتي بها إذا تمكن منها ولا يهملها؛ فإنه إذا اعتاد الملازمة عليها لم يعرضها للتفويت، وإذا تساهل في قضائها سهل عليه تضييعها في وقتها، وقد ثبت في صحيح مسلم ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نام عن حزبه أو عن شيء منه، فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كُتب له كأنما قرأه من الليل.اهـ.
والله أعلم.