الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يرزقك الذرية الطيبة، ثم اعلمي أختنا الكريمة أن الله تعالى قد خلق الإنسان ليمتحنه ويختبره، كما قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً {هود:7}. وقال سبحانه: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ {الملك:2}.
وهذا الامتحان يكون بالأحكام الشرعية كالأوامر والنواهي، ويكون كذلك بالأحكام القدرية ـ سواء ما نكره منها كالمصائب والشدائد، أو ما نحب كالأموال والأولاد ـ كما قال تعالى: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:35}.
وعلى المؤمن أن يصبر ويرضى بأمرالله تعالى، وأن يبصرالرحمة من خلال البلاء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وحسنه. وابن ماجه وحسنه الألباني.
وقد سبق ذكر بعض البشارات لأهل البلاء والمصائب وبيان الأمور المعينة على تجاوزالمصائب، وذلك في الفتويين رقم: 18103، ورقم: 5249.
أما مسألة تأخير الحمل فإن حصل لفترة باتفاق الزوجين لما فيه من مصلحة لهما، فلا حرج عليهما ـ إن شاء الله تعالى ـ كما سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 34107، ورقم: 35423.
وكذلك البكاء على موت الجنين إذا لم يكن معه جزع ولا تسخط ولا اعتراض على قضاء الله، فهو جائز باتفاق العلماء، وراجعي في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 49647، 52003، 75948.
وهذا الابتلاء الوارد في السؤال كغيره من ابتلاءات الدنيا، إما أن يكون لتكفير الخطايا ومحو السيئات، وإما أن يكون لرفع الدرجات وزيادة الحسنات، وإما أن يقع لتمحيص المؤمنين وتمييزهم عن المنافقين، وإما أن يكون عقوبة على بعض الذنوب، كما سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 13270.
ولا يعلم حقيقة الأمر على وجه القطع إلا الله تعالى، وينبغي للعبد أن يتهم نفسه ويبادر بالتوبة والاستغفار مما يعلم من ذنوبه ومما لا يعلم، فلربما يكون للعبد ذنب نسيه أوغفل عنه، وأن يسعى لتحقيق الاستقامة بلزوم تقوى الله تعالى، فإن ذلك مما يفرج الهم ويُعقب الخير، قال سبحانه: وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ {هود:3}. وقال عز وجل: لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {النمل: 46}. وقال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً* وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً {الطلاق: 2-3-4}.
وراجعي للأهمية الفتويين رقم: 93791، ورقم: 45184.
والله أعلم.