الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد روى أبو الشيخ في ـ العظمة ـ والطبراني في ـ الكبيرـ من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده، عن بلال بن الحارث قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فخرج لحاجته، وكان إذا خرج لحاجته يبعد، فأتيته بإداوة من ماء فانطلق فسمعت عنده خصومة رجال ولغطا لم أسمع مثلها، فجاء فقال: بلال؟ فقلت: بلال، قال: أمعك ماء؟ قلت: نعم. قال: أصبت، فأخذه مني فتوضأ، قلت: يا رسول الله سمعت عندك خصومة رجال ولغطا ما سمعت أحدا من ألسنتهم؟ قال: اختصم عندي الجن المسلمون والجن المشركون، سألوني أن أسكنهم، فأسكنت المسلمين الجلس، وأسكنت المشركين الغور، قال عبد الله بن كثير: قلت لكثير: ما الجلس؟ وما الغور؟ قال: الجلس: القرى والجبال، والغور: ما بين الجبال والبحار، قال كثير: ما رأينا أحدا أصيب بالجلس إلا سلم، ولا أصيب أحد بالغور إلا لم يكد يسلم.
قال الهيثمي: فيه كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، وقد أجمعوا على ضعفه، وقد حسن الترمذي حديثه. اهـ.
وضعفه الألباني جدا في ـ السلسلة الضعيفة.
وصدر الشبلي بهذا الحديث الباب الثامن: في بيان مساكن الجن من كتابه: آكام المرجان في أحكام الجان.
ولم نقف على غير هذا الحديث الضعيف في هذا الباب، وقد دل صريح القرآن على قدرة الشياطين على الغوص، كما في قوله تعالى: وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ {ص: 37}.
فلا يبعد أن تكون البحار مأوى للشياطين، لأنها غيرعامرة بالبشر، ومن المعروف أنهم يسكنون الخرب والخلوات، قال الدكتورعمرالأشقر في ـ عالم الجن والشياطين: يكثر تجمعهم في الخراب والفلوات، ومواضع النجاسات كالحمامات والحشوش والمزابل والمقابر. اهـ.
ومما يقوي هذا أن إبليس يضع عرشه على الماء، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة.
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 120480.
وعلى أية حال، فإذا كان الأمر محتملا للصواب، فالتحرز منه أمر مطلوب، وقد سبق لنا في الفتوى رقم: 72036، الحث على التحرز مما يظن أنه من مساكن الجن.
وإذا احتاج الإنسان للسباحة في وقت أو مكان يُظَن فيه انتشار الشياطين، فليتحصن بذكر الله والاستعاذة به وقراءة آية الكرسي ونحو ذلك، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 6978.
والله أعلم.