الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما يعرف بعلاقة الحب بين الشباب والفتيات أمر لا يقره الشرع، لكن إذا تعلق قلب الرجل بامرأة دون كسب منه وسعي في أسبابه فلا لوم عليه فيه، والمشروع له حينئذ -إن لم تكن كتزوجة- أن يخطبها من وليها فإن أجابه فبها ونعمت، وإن قوبل بالرفض انصرف عنها إلى غيرها.
وقد أخطأت أمّك بإخبار هذه المرأة بما كان من رغبتك في زواجها، ثمّ أخطأت أنت بكلامك معها وتعريضك لها برغبتك في زواجها، فقد اتفق العلماء على حرمة التعريض بخطبة المطلقة الرجعية.
قال القرطبي: ولا يجوز التعريض لخطبة الرجعية إجماعاً لأنها كالزوجة. الجامع لأحكام القرآن.
فإذا كان هذا في المطلقة الرجعية فكيف بالتعريض بخطبة المرأة المتزوجة التي لم تطلق؟
جاء في فتاوى ابن تيمية: فأما المرأة المتزوجة فلا يجوز أن تخطب تصريحا ولا تعريضا بل ذلك تخبيب للمرأة على زوجها وهو من أقبح المعاصي.
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ليس منا من خبّب امرأة على زوجها أو عبداً على سيده. رواه أبو داود، وصححه الألباني. بل ذهب بعض العلماء إلى عدم صحة زواج المرأة ممن خبّبها على زوجها، معاقبة له بنقيض قصده ، وانظر الفتوى رقم: 118100.
وأمّا عن حكم ما يدور بنفسك من الخواطر واجترار الذكريات؟ فالإنسان لا يحاسب على مجرد حديث النفس لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ، ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
لكن ننبّهك إلى أنّ الاسترسال مع الخواطر باب إلى الفتنة والفساد.
قال ابن القيم: قاعدة في ذكر طريق يوصل إلى الاستقامة في الأحوال والأقوال والأعمال وهي شيئان: أحدهما حراسة الخواطر وحفظها والحذر من إهمالها والاسترسال معها. فإن أصل الفساد كله من قبلها يجيء لأنها هي بذر الشيطان والنفس في أرض القلب فإذا تمكن بذرها تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى حتى تصير إرادات ثم يسقيها بسقيه حتى تكون عزائم، ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال. طريق الهجرتين.
فالواجب عليك التوبة إلى الله والانصراف عن هذه المرأة المتزوجة والالتفات لما ينفعك في دينك ودنياك، أمّا إذا طُلّقت هذه المرأة من زوجها فلا حرج عليك في الزواج منها بعد انقضاء عدتها.
والله أعلم.