الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في أن شرب الخمر من كبائر الذنوب والتي توعد الله صاحبها بالعقوبة العظيمة والخزي في الدنيا والآخرة.
والأحاديث في هذا كثيرة جدا، فمنها ما رواه عمار بن ياسر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثلاثة لا يدخلون الجنة أبدا: الديوث، والرجلة من النساء، ومدمن الخمر. رواه الطبراني.
وعن قيس بن سعد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من شرب الخمر أتى عطشان يوم القيامة. رواه أحمد وأبو يعلى.
فحذار حذار أيها الأخ الكريم من الإصرار على هذا الذنب. وإذا كنت قد ارتكبت هذه المعصية فعليك أن تبادر بالتوبة النصوح إلى ربك عز وجل، وأن تعلم أنك بإصرارك على هذه الكبيرة تعرض نفسك لسوء الخاتمة والعياذ بالله، وتجلب لنفسك سخط الله ولعنته. فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن في الخمر عشرة منهم شاربها، وإياك وما يغضب الله فإن غضب الله تعالى لا تقوم له السماوات والأرض، وأما صلاتك فإنها صحيحة مسقطة للفرض عنك إذا كنت تؤديها حال إفاقتك وحضور عقلك، ولا تكون من تاركي الصلاة إذا كنت تحافظ عليها مع إصرارك على هذا الذنب، ولكنك تعرض بذلك أجرك للحبوط وثواب عبادتك لأن يذهب سدى، فإن السيئات يذهبن الحسنات أو يقللن ثوابها كما أن الحسنات يذهبن السيئات، وقد دلت السنة على أن شرب الخمر يحبط أجر الصلاة فروى ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من شرب الخمر وَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ رَدَغَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا رَدَغَةُ الْخَبَالِ ؟ قَالَ : عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ. صححه الألباني.
قال النووي رحمه الله: وَأَمَّا عَدَم قَبُول صَلاته فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لا ثَوَاب لَهُ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ مُجْزِئَة فِي سُقُوط الْفَرْض عَنْهُ وَلا يَحْتَاج مَعَهَا إِلَى إِعَادَة. انتهى.
والله أعلم.