الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يلزم المؤجر أن يدفع إليه ما تكلفه في تحسينات الشقة وما أضافه إليها دون إذنه فهو متبرع بذلك من تلقاء نفسه.
قال الكاساني: وتطيين الدار, وإصلاح ميزابها, وما وهى من بنائها على رب الدار دون المستأجر لأن الدار ملكه وإصلاح الملك على المالك, لكن لا يجبر على ذلك، لأن المالك لا يجبر على إصلاح ملكه وللمستأجر أن يخرج إن لم يعمل المؤجر ذلك، لأنه عيب بالمعقود عليه, والمالك لا يجبر على إزالة العيب عن ملكه, لكن للمستأجر أن لا يرضى بالعيب حتى لو كان استأجر وهي كذلك ورآها فلا خيار له، لأنه رضي بالمبيع المعيب, وإصلاح دلو الماء والبالوعة والمخرج على رب الدار ولا يجبر على ذلك وإن كان امتلأ من فعل المستأجر لما قلنا, وقالوا في المستأجر إذا انقضت مدة الإجارة وفي الدار تراب من كنسه فعليه أن يرفعه لأنه حدث بفعله فصار كتراب وضعه فيها, وإن امتلأ خلاها ومجراها من فعله فالقياس أن يكون عليه نقله، لأنه حدث بفعله فيلزمه نقله, كالكناسة, والرماد, إلا أنهم استحسنوا وجعلوا نقل ذلك على صاحب الدار للعرف والعادة، إذ العادة بين الناس أن ما كان مغيبا في الأرض فنقله على صاحب الدار, فحملوا ذلك على العادة، فإن أصلح المستأجر شيئا من ذلك لم يحتسب له بما أنفق، لأنه أصلح ملك غيره بغير أمره ولا ولاية عليه, فكان متبرعا. انتهـى .
وبناء على ذلك، فعلى المستأجر أن يؤدي إليه أجرتها وإلا فهو ظالم له ممتنع عن أداء حقه إليه، ولا يجوز له أن يقتطع ما أنفقه في إصلاحها وتحسينها، لأن المالك لم يأذن له في ذلك ولا رضي به .
وإن كنا ننصح مالك الشقة أن يعين المستأجر ويضع عنه ما أنفقه أو بعضه في إصلاحها، لأن الشقة ملكه ونفع إصلاحها عائد إليه.
والله أعلم.