الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحلف بالطلاق عند جمهور العلماء يقع به الطلاق إذا وقع المحلوف عليه، وذهب بعض العلماء ـ ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية ـ إلى أنّ حكم الحلف بالطلاق حكم اليمين، فإذا وقع المحلوف عليه، لزم الحالف كفارة يمين ولا يقع به طلاق، قال ابن تيمية عند كلامه على صيغ الطلاق: وَالنَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ يَحْلِفَ بِذَلِكَ، فَيَقُولُ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، أَوْ لَا أَفْعَلُ كَذَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ: فَهَذِهِ صِيَغُ قَسَمٍ، وَهُوَ حَالِفٌ بِهَذِهِ الْأُمُورِ، لَا مَوْقِعَ لَهَا، وَلِلْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْأَيْمَانِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أنَّهُ إذَا حَنِثَ لَزِمَهُ مَا حَلَفَ بِهِ، وَالثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَالثَّالِثُ: يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَلِفِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَغَيْرِهَا، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ. الفتاوى الكبرى - 3 ـ234.
. فعلى قول شيخ الإسلام تلزمك كفّارة يمين لمخالفتك لما حلفت عليه، وأمّا على قول الجمهور ـ وهوالمفتى به عندنا ـ فقد وقعت طلقة واحدة، لأنّ الراجح عندنا أنّ تكرار اليمين على شيء واحد هو يمين واحدة.
قال ابن قدامة: أو كرّر اليمين على شيء واحد، فحنث فليس عليه إلا كفارة واحدة.
فإن كانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية، فإنه يمكنك مراجعة زوجتك، وأمّا إذا كانت تلك هي الطلقة الثالثة فإنّها تحرم عليك ولا تحل لك حتى تتزوج زواجاً صحيحاً ثم تطلق، وننبه السائل إلى أن الحلف بالطلاق غير جائز، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت. رواه البخاري.
والله أعلم.