الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الكافر إذا أسلم في أثناء شهر رمضان وجب عليه صيام بقية الشهر بلا خلاف ـ سواء كان كافراً أصلياً أو مرتداً ـ ولا يجب عليه قضاء ما فات من الصوم ـ سواء في الشهر الذي أسلم فيه أو غيره ـ إن كان كافراً أصلياً في قول الأئمة الأربعة، جاء في المغني: مسألة: قال: وإذا أسلم الكافر في شهر رمضان صام ما يستقبل من بقية شهره، أما صوم ما يستقبله من بقية شهره فلا خلاف فيه، وأما قضاء ما مضى من الشهر قبل إسلامه فلا يجب، وبهذا قال الشعبي وقتادة ومالك والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي. انتهى.
وأما المرتد فهو مخاطب بالتكاليف من صلاة وصوم وغيرها فيجب عليه قضاؤها إذا رجع إلى الإسلام في قول الشافعية والحنابلة، ولا يجب عليه القضاء عند المالكية والحنفية، قال الشيرازي في المهذب: وإن كان مرتداً وجبت عليه وإذا أسلم لزمه قضاؤها، لأنه اعتقد وجوبها وقدرعلى التسبب إلى أدائها فهو كالمحدث.
وقال النووي مفصلاً خلاف العلماء في المسألة: أما الكافر المرتد فيلزمه الصلاة في الحال وإذا أسلم لزمه قضاء ما فات في الردة لما ذكره المصنف، هذا مذهبنا لا خلاف فيه عندنا، وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد في رواية عنه وداود لا يلزم المرتد إذا أسلم قضاء ما فات من الردة ولا في الإسلام قبلها وجعلوه كالكافر الأصلي يسقط عنه بالإسلام ما قد سلف. انتهى.
ومذهب الحنابلة هو لزوم القضاء للمرتد، قال في حاشية الروض: فلا يجب عليه أي الكافر الصوم ولو مرتداً، لأنه عبادة بدنية محضة تفتقر إلى نية، فكان من شرطه الإسلام، ولا يصح صوم كافرـ بأي كفر كان ـ إجماعاً والردة تمنع صحته إجماعاً، لأن الصوم عبادة محضة، فنافاها الكفر كالصلاة بلا خلاف ويقضي ما فاته زمن الردة، لأنه التزم الوجوب بالإسلام، دون الكافر الأصلي إجماعاً وترغيباً في الإسلام. انتهى.
والله أعلم.