الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج على الإنسان أن يدعو بأن يرزقه الله من خير بعض الأشخاص أوالأشياء, أو يصرف عنه شر ذلك ودليل هذا ما ورد في حديث ابن ماجه وحسنه الألباني عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أفاد أحدكم امرأة أو خادما أو دابة فليأخذ بناصيتها وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلت عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه.
وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوما قال: اللهم إنا نجعلك في نحورهم و نعوذ بك من شرورهم. رواه أبو داود وغيره، وصححه الألباني.
وفي صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا عصفت الريح: اللهم إني أسألك خيرها و خير ما فيها و خير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها و شر ما فيها وشر ما أرسلت به.
ولكن ينبغي للشخص أن يتحرى الحكمة في دعائه بحيث لا يؤذي به أحدا إذا سمعه فقد يكون الدعاء في نفسه مشروعا ولكن إذا سمعه شخص ما تأذى به فينبغي له حينئذ أن يسِرّ به.
وتأسيسا على ذلك، فإنه لا ينبغي للرجل أن يقول لزوجته أعوذ بالله من شرك وشر أمك، لأن ذلك قد يوغر صدرها ويؤذيها، وإيذاء المسلم حرام, ولكن يجوز له أن يدعو بهذا الدعاء فيما بينه وبين نفسه, علما بأن من آداب الدعاء عموما الإسرار به، كما قال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً {الأعراف : 55}.
وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 33236.
وإذا منع هذا في حق الزوجة التي تتأذي منه وتفهم منه التعريض بها، فإنه يمنع ـ من باب ـ أولى في حق الوالدين، لأن حقهما أعظم من حق الزوجة.
والله أعلم.