الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فينبغي للمسلم أن يتخذ أسباب الوقاية من السل ومن غيره من الأمراض، كما أمر الشرع الحكيم، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يوردن ممرض على مصح.
والممرض هو الذي له إبل مرضى، والمصح من له إبل صحاح.
وقال ـ أيضاً ـ صلى الله عليه وسلم: فر من المجذوم كما تفر من الأسد. رواه البخاري.
وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 75496، كما سبق في الفتوى رقم: 75676 ، أن الشارع الحكيم قد أمر باجتناب المجذوم ونهى عن الاختلاط بأصحاب الأمراض المعدية.
وقد قال تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء:29}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني.
وقد سبق في الفتوى رقم: 32595، أن هذا الحديث أصل من أصول الشرع.
وبناء عليه، قال العلماء: يمنع صاحب البرص والجذام والجنون من الدخول بزوجته، لما يخشى عليها من ضرره، نص عليه ابن عاصم المالكي في ـ تحفة الحكام ـ بل قال القاضي عياض: يمنع الإمام العائن ـ وهو الذي يضر الناس بعينه ـ من مخالطة الناس ويأمره بلزوم بيته، ويرزقه من بيت المال إن كان فقيراً، فضرره أشد من ضرر آكل الثوم والبصل والمجذوم الذي منعه عمر ـ رضي الله عنه ـ من مخالطة الناس. ذكره النووي وغيره.
وعلى ذلك، فإن كان معلوما أن من يخالط مريض السل لا يأمن على نفسه الإصابة بالمرض، فلا شك أن الأولى اجتناب الزواج بهذه الفتاة، بخلاف ما إذا كان قد اكتشف حديثاً من أنواع العلاج الوقائي ما يمكن أن يتقي به هذا المرض، ومرد ذلك إلى ثقات الأطباء المتخصصين، وراجع للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 126264.
والله أعلم.