الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبما أنك لم تبدأ الصيام من أول الشهر – لحرمة صوم يوم العيد كما هو معلوم – فإنك تصوم شوال وذي القعدة، فتعتبر شهر ذي القعدة بالأهلة فتصومه من أوله إلى آخره سواء جاء ناقصا أو تاما, وتعتبر شهر شوال- الذي بدأت الصيام فيه - بالعدد , فتكمله ثلاثين يوما , بمعنى إن جاء شوال كاملا ( 30 ) يوما فإنك تصوم يوما من ذي الحجة حتى تكون قد صمت 30 يوما ويتم صومك بذلك, وإن جاء شوال ناقضا ( 29 ) يوما فإنك تصوم يومين من ذي الحجة حتى تكون قد صمت 30 يوما ويتم صومك بذلك, واختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى أن تعتبر شوال بالأهلة أيضا حتى وإن بدأت الصيام في أثناء الشهر, فتصوم يوما واحدا فقط من ذي الحجة سواء كان شوال ناقصا أم تاما لأن الذي فاتك منه يوم واحد.
قال رحمه الله تعالى في الشرح الممتع فيمن لزمه صوم شهرين متتابعين : هل المعتبر الأهلّة، أو المعتبر الأهلّة في شهر كامل والأيام في الشهر المجَزَّأ؟ في هذا قولان للعلماء، والصحيح أن المعتبر الأهلّة؛ سواء في الشهر الكامل، أو في الشهر المجَزَّأ , فإن قيل: ما الفرق بين القولين؟ فالجواب: يظهر ذلك بالمثال، فإذا ابتدأ الإنسان هذين الشهرين من أول ليلة ثبت فيها الشهر ـ ولنقل إنّه شهر جُمادى الأولى ـ ابتدأه من أول يوم منه فيختمه في آخر يوم من شهر جمادى الآخرة، ولنفرض أن جُمادى الأولى تسعة وعشرون يوماً، وكذلك جمادى الآخرة ـ فيكون صومه ثمانية وخمسين يوماً، وهذا لا شك أنّه يعتبر بالهلال. لكن إذا ابتدأ الصوم من نصف شهر جمادى الأولى فجمادى الآخرة معتبرة بالهلال لأنّه سوف يدرك أوّل الشهر وآخر الشهر فيعتبر بالهلال يقيناً , أما الشهر الثاني الذي ابتدأهُ بالخامس عشر من جُمادى الأولى فيكمله ثلاثين يوماً، ويكون آخر صومه اليوم الخامس عشر من رجب على القول الثاني الذي يعتبر الشهر المجزأ ثلاثين يوماً، أمّا على القول الراجح الذي يعتبر الأهلّة مطلقاً: فإنّ آخر أيام صومه هو الرابع عشر من شهر رجب، إذا كان شهر جمادى الأولى تسعة وعشرين يوماً؛ فإذا قدرنا أن شهر جمادى الأولى ناقص، وكذلك شهر جمادى الثانية فيكون صومه ثمانية وخمسين يوماً... اهـ .
والقول الأول أحوط وأبرأ للذمة فتصوم يوما من ذي الحجة إن جاء شوال كاملا , وتصوم يومين من ذي الحجة إن جاء شوال ناقصا .