الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان هذا الإمام إماما راتبا يأخذ على الإمامة رزقا فعليكم أولا أن تناصحوه ـ هداه الله ـ عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. أخرجه مسلم. فتبينوا له خطورة ما يفعله من تضييع واجبه الذي أنيط به والذي يتقاضى عليه رزقا من بيت مال المسلمين، وأن عليه أن يقوم بواجبه أولا ثم يشتغل بعد ذلك بما شاء من رقية وغيرها، وأنه بهذا قد تسبب في فتنة وشر يحمل تبعتها بين يدي الله عز وجل، وبينوا له أنه أسوة للناس ومثل فينبغي أن يكون من أشد الناس حرصا على الجماعة ـ لا لأجل الوظيفة فحسب ـ ولكن، لأجل كونه قدوة يتأسى به الناس في سلوكه وأخلاقه فاشرحوا له هذه المعاني برفق ولين عسى أن ينتصح ويستجيب فيندفع الشر ـ بإذن الله ـ فإن لم يتنصح فعليكم أن ترفعوا أمره للمسؤولين ليلزموه بالقيام بواجبه أو يقيموا غيره ممن يؤدي واجب الإمامة على وجهه، ولحين يتحقق أحد الأمرين فعليكم أن تبينوا للناس أن الأولى بالإمامة هو الأقرأ لكتاب الله، فإذا تغيب هذا الإمام ولم يستخلف من يصلي بالناس نيابة عنه فقدموا أقرأكم لكتاب الله، ثم إن حصل تساو في القراء فيتقدم الأعلم بالسنة ثم الأكبر سنا، على ما بين النبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه في صحيح مسلم وغيره، وإن خيف حصول فتنة من تقدم شخص معين فليتأخر وإن كان أولى من غيره دفعا للخلاف وسدا لباب الفتنة، فإن الخلاف شر، كما ثبت عن ابن مسعود ـ رضي الله ـ عنه، وأما أن تعطلوا صلاة الجماعة في المسجد فلا ينبغي هذا البتة.
والله أعلم.