الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف أهل العلم في منع الزوج أهل زوجته من زيارتها في بيته، فذهب الشافعية وبعض الحنفية إلى جواز المنع مع الكراهة. وذهب الحنابلة والمالكية إلى عدم الجواز وهو الصحيح عند الحنفية.
جاء في تحفة المحتاج في شرح المنهاج: وَلَهُ مَنْعُ أَبَوَيْهَا مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ. انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية : وقال الشافعية وهو قول بعض الحنفية : للزوج منع أقارب المرأة من الدخول عليها مع الكراهة. وقال الحنابلة : ليس للزوج منع أبويها من زيارتها؛ لما فيه من قطيعة الرحم، لكن إن عرف بقرائن الحال حدوث ضرر بزيارتهما، أو زيارة أحدهما فله المنع. انتهى.
وفيها أيضا: والصحيح من مذهب الحنفية وهو مذهب المالكية أن الزوج لا يمنع أبوي الزوجة من الدخول عليها في كل جمعة، ولا يمنع غيرهما من المحارم في كل سنة. انتهى.
فكما رأيت أقوال أهل العلم تدور بين الكراهة والمنع، فالأولى أن تسمح لهم بالدخول على ابنتهم ولا تقابل سيئتهم بمثلها، بل قابلها بالعفو والصفح، فهذه أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسولِ الله فقالت: لم يكن فاحِشًا ولا متفحِّشًا ولا صخَّابًا في الأسواق، ولا يجزِي بالسيِّئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح. رواه أحمد والترمذي وأصله في الصحيحين .
وقد قال الله سبحانه: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.{فصلت:34}.
لكن إن خفت أن يثور خلاف بينك وبينهم أو يحدث ضرر بسبب الزيارة لما بينكم من خصومة، فلا حرج حينئذ من منعهم دفعا للضر الحاصل من دخولهم بيتك، مع أنك والحمد لله تسمح لها بصلتهم.
وفي النهاية نذكرك بحرمة الهجر والقطيعة بين أهل الإسلام عموما، وخصوصا من تجمعهم علاقة رحم أو مصاهرة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
وجاء في سنن أبي داود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. صححه الألباني.
فبادر رحمك الله إلى إصلاح ما بينك وبين أصهارك امتثالا لأمر الله سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ. {الأنفال:1}. وتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين. رواه الترمذي وصححه الألباني.
والله أعلم.