الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت مقاطعاً لأخواتك لمصلحة شرعية كما لو كان ذلك لوقوعهم في المعاصي والمنكرات وكان الهجر أصلح لهم، أو كان يلحقك بصلتهم ضرر في دينك أو دنياك فلا حرج عليك في ذلك، وعليك أن تصلهم في الحالة الثانية بما لا ضرر فيه كالاتصال بالهاتف ونحوه.
أما إذا كانت المقاطعة فوق ثلاثة أيام لحظ نفس وأمور الدنيا فأنت قاطع رحم و قطع الرحم من الكبائر، فعن جبير بن مطعم أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ. متفق عليه.
فالواجب عليك أن تصل إخوتك، ولا يحملك ما بدر منهم أو من أزواجهن على القطيعة، فقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم حتى لمن يقطعها، فعَنْ عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. صحيح البخاري.
و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ. فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ. رواه مسلم. تسفهم الملّ : تطعمهم الرماد الحار.
واعلم أنّ مقابلة السيئة بالحسنة مما يجلب المودة ويقي شر نزغات الشيطان. قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. {فصلت:34}.
كما أنّ العفو عن المسيء سبيل لنيل عفو الله ومغفرته ، وهو يزيد المسلم عزاً وكرامة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: .. وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا.
واعلم أنّ صلة الرحم من أسباب البركة في الرزق والعمر ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. متفق عليه.
والله أعلم.