الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد
فإن هذين الدعاءين من الأدعية الطيبة المباركة، فيشرع للمسلم أن يدعو بهما لنفسه ولغيره، لأنهما مقتبسان من القرآن الكريم، ففي الدعاء الأول يقول الله تعالى على لسان نبية وخليله إبراهيم عليه السلام: رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ* وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ {الشعراء:83-84}.
قال أهل التفسير: واجعل لي لسان صدق في الآخرين أي واجعل لي ذكراً جميلاً بعدي أذكر به ويقتدى به في الخير.
وقال القرطبي في تفسيره: روى أشهب عن مالك قال: قال الله عز وجل: واجعل لي لسان صدق في الآخرين. لا بأس أن يحب الرجل أن يثنى عليه صالحاً ويرى في عمل الصالحين، إذا قصد به وجه الله تعالى، إذ هي الحياة الثانية، فقد قيل: مات قوم وهم في الناس أحياء.
وفي الثاني يقول تعالى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ {يونس:2}.
فأخبر سبحانه وتعالى أن للمؤمنين قدم صدق عنده، قال أهل التفسير: هو الأجر الحسن بما قدموا من الأعمال الصالحة.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم.
وبهذا تعلم الفرق بين لسان الصدق في الآخرين، وقدم الصدق، فلسان الصدق: هو الثناء والذكر الحسن في الآخرين: وهم من يأتي من الأمم بعد صاحب الدعاء وهو في الآية: إبراهيم عليه السلام كما ذكرنا، وقد استجاب الله تعالى دعاءه، فكل الأمم تعظمه وتذكره بخير، وقد عرفت شيئاً من معاني قدم الصدق عند الله تعالى، وانظر المزيد من أقوال أهل العلم فيه في الفتوى رقم: 71414.
والله أعلم.