الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت في استخارتك لخالقك، وما ندم من استخار الخالق. وإذا كنت قد استخرت الله تعالى بصدق، وفوضت أمرك إليه، ثم أقدمت على أحد الأمرين، فلست بمخطئة؛ وإنما قد فعلت ما اختاره الله وقدره لك.
وليس بالضرورة أن يكون تعسر الأمر في أوله دليلا على عدم إرادة الله له؛ بدليل تحققه بعد ذلك بإرادة الله. فالحاصل أن الإنسان إذا أدى صلاة الاستخارة، فما عليه بعد ذلك إلا أن يفعل ما اتفق له، بدون التزام بأحد الأمرين.
قال ابن حجر في فتح الباري: واختلف فيما ذا يفعل المستخير بعد الاستخارة، فقال ابن عبد السلام: يفعل ما اتفق، ويستدل له بقوله في بعض طرق حديث بن مسعود في آخره (ثم يعزم) وأول الحديث: إذا أراد أحدكم أمرا فليقل...
وقال النووي في الأذكار: يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح به صدره، ويستدل له بحديث أنس عند ابن السني (إذا هممت بأمر فاستخر ربك سبعا ثم انظر إلى الذي يسبق في قلبك فإن الخير فيه. وهذا لو ثبت لكان هو المعتمد، لكن سنده واه جدا، والمعتمد أنه لا يفعل ما ينشرح به صدره مما كان له فيه هوى قوي قبل الاستخارة. وإلى ذلك الإشارة بقوله في آخر حديث أبي سعيد (ولا حول ولا قوة إلا بالله)
وعلى ذلك، فلست مخطئة فيما اخترته بعد الاستخارة من فعل أو ترك، طالما أنك استخرت الله بصدق، ولم يكن اختيارك صادرا عن هوى مسبق.
واعلمي أن اختيار الله لك خيرٌ من اختيارك لنفسك، كما أن الخير ليس محصورا في زيادة الراتب، ثم ما يدريك لعل في بقائك في عملك شرا لا تدركينه.
وراجعي لمزيد الفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 116923، 32377، 4823.
والله أعلم.