الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن عدم جواز التأويل في الحلف وعدم اعتباره، شرط فيه بعض أهل العلم شروطاً منها: أن يكون الحالف ظالماً، أو منكراً حقاً للمحلوف وأن يحلفه الحاكم، وبناء عليه فيصح أن تتأول في حلفك، لأنه ليس له حق في الموضوع، بل إن الأولى بكما أن لا تحلفا على عدم الإفطار عند إخوتكم، فمن حق المسلم على المسلم أن يجيبه إذا دعاه، كما في الحديث: حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس. متفق عليه.
ولا ينبغي للمسلم أن يجعل اليمين مانعاً له من إجابة الدعوة وغيرها من أعمال البر، فقد قال الله تعالى: وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ {البقرة:224}.
وقال الرحيباني في شرح غاية المنتهى ـ وهو حنبلي: ولا ينفع تأويل في حلف ظالماً بحلفه، لحديث: يمينك على ما يصدقك به صاحبك.
وحديث: اليمين على نية المستحلف. رواهما مسلم.
فمن عنده حق وأنكره فاستحلفه الحاكم عليه فتأول، انصرفت يمينه إلى ظاهر الذي عناه المستحلف ولم ينفع الحالف تأويله، لئلا يفوت المعنى المقصود بالتحليف ويصير التأويل وسيلة إلى جحد الحقوق وأكلها بالباطل. ويباح التأويل لغيره أي غير الظالم، روى أن مهنا والمروذي كانا عند الإمام أحمد هما وجماعة معهما، فجاء رجل يطلب المروذي ولم يرد المروذي أن يكلمه، فوضع مهنا أصبعه في كفه وقال: ليس المروذي ههنا، وما يصنع المروذي ههنا. ولم ينكره أحمد. انتهى.
ومن هذا تعلم أنه لا حرج عليك في الإفطار عند إخوتك أكثر من أربع مرات ولا كفارة عليك، وأما ما تسميه بالشرط فلم يتضح لنا المراد منه، ولكن من حلف على أمر ما تنعقد يمينه ولا ينفعه إلا الاستثناء.
والله أعلم.