الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية ننصح السائل بالاهتمام بتعلم أمر دينه، فكلما ازداد المسلم معرفة بدينه، كلما كان صلبا قويا أمام الشبهات.
كما ننصح بعدم الدخول في مناظرات وجدالات مع أهل الكتاب إلا بعد التضلع والتمكن من العلم الشرعي، وإلا انقلبت الجدال وبالا عليك، وحاصرت الشبهات والشكوك حينئذ.
أما بالنسبة لما ورد في سؤالك فنقول: لا ريب أن المسلمين هم أفضل الناس، كيف لا ولا أحد في الأرض الآن يعبد الله كما أمر، ولا يشرك به شيئا إلا المسلمون. ومن هذا الجهة استحقوا أن يكونوا أفضل الناس. إضافة إلى أن الله سبحانه قد من علينا بأفضل الكتب وأفضل الشرائع وأفضل الرسل. وانظر الفتوى رقم: 118616 .
ولا حاجة لأن يدعو المسلمون لمحمد صلى الله عليه وسلم بأن يغفر له الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ إذ أن الله سبحانه قد أخبر بأنه قد فعل ذلك. وراجع الفتوى رقم: 105823.
وبخصوص تحريف الأناجيل وتناقضها راجع الفتاوى: 2105، 29326، 22275، 43148، 116838.
وأما زواجه صلى الله عليه وسلم بصفية فانظر بشأنه الفتوى رقم: 120622.
وأما ادعاؤه أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يتزوج النساء بغير رضاهن، فلا يتصور ذلك مع ما عرف في سيرته صلى الله عليه وسلم. ويكفي في رد ذلك ما ثبت في صحيحي البخاري ومسلم أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك. قالت: وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه. قالت: ثم قال: إن الله جل ثناؤه قال: يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها ... إلى ...أجرا عظيما. قالت: فقلت: ففي أي هذا أستأمر أبوي؟ّ! فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة. قالت: ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت.
وراجع الفتوى رقم: 55015. لتتعرف على هديه عليه الصلاة والسلام في معاملته لأزواجه وللنساء عامة.
وأما مطالبته بمحاكمة هادي البشرية وإغلاق المساجد منارات الهدى وحجب النور المبين عن الخلق، فهذا من عمى بصيرته، واستحكام جهله. ولكن لا يستغرب صدوره من مثله فقد قتل أمثاله من الأنبياء وكذبوهم وأحرقوهم وشردوهم.
وأما عن مكانة المرأة في الإسلام فقد سبق الكلام عليها في الفتاوى : 63944، 5729، 16441.
وراجع بشأن ضرب الرجل زوجته الفتاوى أرقام: 69، 62236، 46353.
أما استرقاق المرأة في الحرب، فهذا لم يبتدعه الإسلام وإنما كان هذا موجودا من قبل، ثم لما أشرق نور الإسلام وضع له نظما وقواعد، إضافة إلى فتحه الباب على مصراعيه للعتق وترغيبه فيه. وانظر الفتوى رقم: 12210.
وأما عن اغتصاب الرجل زوجته وهي حائض فمحض كذب وافتراء. وانظر الفتوى رقم: 144.
وبخصوص زواج المتعة والمسيار انظر الفتوى رقم: 13074. وما أحيل عليه فيها.
وبخصوص زواجه عليه الصلاة والسلام بعائشة راجع الفتوى رقم: 13991، ورقم: 8218.
وأما استنكاره وجود الحوريات في الجنة أمام الله، فنقول: وهل نحن الآن غائبون عن الله: ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور.{هود:5}.
وأما كراهيته للنقاب والحجاب، فهذا أيضا من عمى بصيرته، واستحكام جهله. وراجع وجوه الحكمة في تشريع ذلك في الفتوى رقم: 5413، ورقم: 2595.
وأما ادعاؤه أن القرآن قد تغير عما كان عليه فهذا أيضا كذب وافتراء وبهتان؛ فالقرآن حتى الآن على نفس الرسم العثماني الذي أجمع عليه الصحابة، وغاية ما في الأمر أنه قد وضعت على الحروف نقط وحركات، كما وضعت علامات للوقف؛ لحاجة المتأخرين إلى ذلك، بخلاف الأوائل فلم يكونوا يفعلون ذلك؛ لعدم حاجتهم إليه، فالنقط والحركات والعلامات إنما وضعت للبيان لا للتغيير والتحريف. وانظر الفتوى رقم: 23386.
وأما كونه عليه الصلاة والسلام نبي الرحمة، فلا يتعارض هذا مع فرضية الجهاد لحفظ نور هذا الدين للبشرية؛ فإن هذا الدين وهذا القرآن رحمة من الله: قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ. {يونس:58}.
فكان من تمام الرحمة أن يشرع الله الجهاد ليحفظ به هذه الرحمة، ويزيح كل من يريد أن يحول بينها وبين الخلق.
وقد تجلت أيضا رحمته عليه الصلاة والسلام في توجيهاته الحربية، ففي صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال: اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنه، ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم.
وانظر الفتوى رقم: 12210.
وأما ادعاؤه بأن النبي عليه الصلاة والسلام تزوج زوجة ابنه بالتبني، فهذا إفك مبين، وإنما تزوج بمطلقة من تبناه. وراجع الفتوى رقم: 47954 .
وأما تكذيبه بالإسراء وانشقاق القمر، فليس غريبا أن يصدر من مثل ذلك الأفاق المبطل.
وبشأن معجزة الإسراء، فقد ثبت في صحيحي البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما كذبتني قريش قمت في الحجر، فجلى الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه.
ومعجزة انشقاق القمر الانشقاق ثابتة ومسجلة في القرآن والسنة وانظر الفتوى رقم: 16869، ورقم: 43831 .
وليس الأمر في التكذيب وإنما الأمر في إثبات كذب المعجزة وهذا مالا يملكه هذا الإفاك ولا أمثاله.
وأما زعمه بأنه كان يقتبس من الكتب القديمة والأساطير بدون أمانة، فمحض إفك وافتراء وبهتان؛ فإن النبي عليه الصلاة والسلام كان أميا ولم يقرأ شيئا من الكتب السابقة. قال تعالى: وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ. {العنكبوت:48}.
أما وجود توافق بين بعض معاني القرآن وبعض معاني الكتب السابقة، فهذا عادي؛ إذ أنها في الأصل كانت من عند الله تعالى، وإن كان التحريف قد طالها بعد ذلك.
وأما قصة الغرانيق فقد سبق الكلام عليها في الفتوى رقم: 22950.
وأما النسخ فثابت في القرآن وفي الكتب السابقة أيضا. والناسخ والمنسوخ كلاهما في اللوح المحفوظ، فاللوح المحفوظ منه نسخ القرآن وسائر الكتب. وإذا ثبت النسخ بين الكتب السابقة مع أن جميعها كان في اللوح المحفوظ، فلا وجه لإنكار نسخ بعض آيات القرآن مع كونه أيضا في اللوح المحفوظ. فليس في نسخ القرآن ما يتعارض مع كونه في اللوح المحفوظ؛ إذ أن النسخ ليس بمعنى الإضاعة والإهمال، وإنما هو رفع الشارع حكماً منه متقدماً بحكم منه متأخر، على ما تقتضيه حكمته سبحانه في تشريعاته للبشر واختياره ما هو أصلح لهم وأنفع في كل زمان. وانظر الفتوى رقم: 46644.
وأما الحديث المذكور في السؤال فلا علاقة له بالنسخ ولا بالآية المذكورة؛ وانظر معنى الآية في الفتوى رقم: 15632.
كما يجدر بالذكر أن آية سورة الأنفال اختلف في نسخها المفسرون، والراجح أنها ليست منسوخة، وإنما يعمل بها بحسب حالة المسلمين من قوة وضعف وجدوى الصلح من عدمه.
وقد سبق بيان كثير من الكتب والمواقع التي تهتم بتفنيد الشبهات المثارة حول الإسلام في هاتين الفتويين: 21599، 74500 .
والله أعلم.