الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله سبحانه أن يغفر لك ما كان منك من زلل في علاقتك بهذا الشاب، وأن يثبت أقدامك على طريق التوبة إنه سبحانه كريم، ونذكرك ـ بعد التوبة ـ بالإكثار من الاستغفار والأعمال الصالحة من صلاة وصيام وصدقة، فإن الله يكفر بها السيئات ويمحو بها الخطيئات، قال سبحانه وتعالى: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}.
وفي صحيح الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن. حسنه الألباني.
وننبه على أن من أسباب هذا الزلل الجهل بأحكام الدين، ذلك أنك قد أقدمت على هذه العلاقة ظنا منك أن التعارف بين الفتاة والرجل الأجنبي جائز إذا كان في حدود السلام والكلام المعروف في أضيق الحدود، وهذا ظن خاطئ قطعاً، لأن هذه العلاقة تجر إلى ما لا تحمد عقباه، وقد وصلت في حالتك إلى أن أرسلت له صورتك وغنيت له أغنية، ولا يخفى أن هذا حرام، والأصل أن كل علاقة بين رجل وامرأة أجنبية هي علاقة غير مشروعة ما لم توجد حاجة أو ضرورة فحينئذ يباح الكلام بالمعروف بقدر هذه الحاجة، وليس من الحاجة المشروعة ما يسمى: بالتعارف بين الجنسين، وقد بينا هذا مفصلاًُ في الفتاوى التالية أرقامها: 6158، 8768، 9431.
أما ما تسألين عنه من نزول قدرك عنده بسبب ما كان منك، فهذا مما ينبغي أن لا تشغلي نفسك به، فما دمت قد تبت إلى الله سبحانه من علاقتك هذه، وقطعت الصلة به فلا تنشغلي بأمره، وليكن همك كله إرضاء ربك والتوبة إليه والمحافظة على قدرك عنده وحده سبحانه، فهذه أمارات التوبة الصادقة، وقد قال الحارث بن أسد المحاسبي ـ رحمه الله: الصادق: هو الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الخلق من أجل صلاح قلبه ولا يحب اطلاع الناس على مثاقيل الذر من حسن عمله. انتهى.
واعلمي أنك إن اتقيت الله كفاك أمر الناس، فإن تقدم لك هذا الشاب للزواج وكنت تتوسمين فيه الخير في دينه وخلقه فلا حرج عليك في الزواج منه بعد الاستخارة.
والله أعلم.