الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالدعوة إلى الله من أحسن أعمال المسلم والمسلمة، كما قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {فصلت: 33}. وقد سبق في الفتوى رقم: 37677، بيان أن الدعوة إلى الله من أفضل العبادات، وفي الفتوى رقم: 29987 أن الدعوة إلى الله واجبة على كل فرد بحسبه.
ولكن من محاسن هذه الشريعة الغراء أن الغاية لا تبرر الوسيلة، ولذا فالغاية النبيلة المحمودة لا بد وأن يقصد في تحقيقها إلى طرق طيبة مشروعة، ولا شك أن دعوة الرجل للنساء في الحال المذكورة من التبرج والاختلاط يكتنفها كثير من الفتن، لكن إذا لم توجد داعية تصلح لهذا العمل، فليقم بذلك الرجال، وليتقوا الله تعالى ما استطاعوا، وليعلموا أنه لا يجوز لهم التمادي في هذا الوضع مطلقا، بل الواجب أن يعملوا على تعليم بعض النساء، بحيث يقدرن على مباشرة الدعوة إلى الله سبحانه، كما يمكنكم أن تستعينوا ببعض الداعيات المتخصصات ليقمن بأمر الدعوة.
وأما الاختلاط فإنه، وإن كان محرما بهذه الصورة المذكورة، إلا أنه لا باس بدعوتهم جميعا ولو في حال اختلاطهم، لأن مطالبتهم بتميز الرجال عن النساء قد ينفرهم عن الدخول في الإسلام، وهذا لا يجوز.
فإذا من الله عليهم بالدخول في دينه فعليكم ـ بعد ذلك ـ أن تعلموهم برفق ولين وحكمة أن الإسلام يمنع الاختلاط بهذه الصورة المنكرة، مع التنبيه على أن منع الاختلاط ليس فيه إزراء بالمرء ولا إهانة لها ولا تقليل من قدرها، بل هو في الحقيقة صيانة لها، ثم إنها في ذلك كالرجل، فكما تطالب المرأة أن لا تختلط بالرجال على وجه محرم، فكذلك الرجل يطالب أن لا يختلط بالنساء على وجه محرم.
والله أعلم.