الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجوابنا يتلخص فيما يلي:
أولاً: الزوجة ترث الثمن إن مات زوجها وله ولد بفرض الله تعالى، فهي تأخذ الثمن من التركة إرثاً بحكم الله تعالى، لكن إن أوصى لها الزوج بالثمن أيضاً زائدا على نصيبها من الميراث فهي وصية لوارث لا تمضي إلا بإذن الورثة، فقد نص الفقهاء على أن من أوصى لوارث بنصيبه فإن الوصية تصح وتوقف على إذن الورثة، قال الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: لو أوصى لبعضهم بقدر حصته كأن أوصى لأحد بنيه الثلاثة بثلث ماله فإنه يصح ويتوقف على الإجازة، فإن أجيز أخذه وقسم الباقي بينهم بالسوية. انتهى.
فالوصية للوارث إذا لا تمضي إلا إذا رضي الورثة بإمضائها، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 121878.
ثانياً: وأما وصية والدك بأن ترث إحدى أخواته العشر، فأخته لا ترث مع وجود ابن له وهي محجوبة حجب حرمان، ويكون قوله ذلك وصية لأخته، وهي وصية واجبة التنفيذ، لأنها وصية لغير وارث بما لا يزيد على الثلث.
ثالثاً: قسمة الموصى به بين العمتين بدل إعطائه للعمة الموصى لها، يعتبر من تبديل الوصية، وتبديلها محرم لقوله تعالى: فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة:181}.
قال ابن كثير ـ رحمه الله: فمن بدل الوصية وحرفها فغير حكمها وزاد فيها أو نقص - ويدخل في ذلك الكتمان لها بطريق الأولى- فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ. انتهى.
ووصية والدك لبعض أخواته دون بعض ليست وصية جائرة حتى يقال بجواز تبديلها، فهو لم يترك بتلك الوصية أمراً واجباً، ولا يجب عليه العدل بين أخواته في الوصية أو العطية والهبة فلا يجوز لك ـ أخي ـ تبديل وصية والدك، ويلزمك أن ترد الحق إلى أهله.
رابعاً: يجب عليك إيصال المال إلى عمتك الموصى لها، فإن عجزت فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ويبقى المال محفوظاً إلى أن يتيسر إيصاله لها، فإن ماتت قبل أن تستلمه يعطى لورثتها.
خامساً: إنفاقك المال في حياة أبيك إن كان بغير رضاه فهذا لا يجوز، وعليك أن تتوب إلى الله منه، وما دمت رددت المال إلى الورثة فقد فعلت الواجب عليك، وكذا لا يجوز لأحد الورثة أن يتصرف في التركة بدون إذن بقية الورثة، فإن فعل فهو آثم وضامن يلزمه أن يدفع للورثة نصيبهم الشرعي، فإن كنت قد تصرفت في المال من غير أن تستأذن إخوتك وأخواتك فأنت آثم ويلزمك دفع ما بقي في ذمتك إلا إذا تنازلوا لك عنه وكانوا بالغين رشداء.
والله أعلم.