الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا تعارض بين ما رواه أبو هريرة وغيره من امتناع أبي طالب من النطق بالشهادتين وبين كون أبي هريرة دخل في الإسلام بعد وفاة أبي طالب بزمن طويل، فأبو هريرة وغيره من الصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديثه وأخباره. ما وقع منها قبل إسلامهم وما وقع بعده، وعدم إسلام أبي طالب لم ينقل عن أبي هريرة وحده بل نقل عن كثير من الصحابة ممن كانوا بمكة وقتها، ففي الصحيحين وغيرهما عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أي عم قل: لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فنزلت: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم.
وعدم إسلام أبي طالب أمر معروف عند الصحابة وفي مجتمعهم فكانوا يأسفون له حتى قال العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أغنيت عن عمك، فإنه كان يحوطك ويغضب لك قال: هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار. والحديث رواه البخاري وغيره.
والله أعلم.