الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يتولى عقد زواج البنت أبوها أو من يوكّله في تزويجها، ثمّ الأقرب من عصباتها، ولا يصحّ أن تقوم الأمّ بتزويجها، وانظري التفصيل في الفتويين: 63279، 103499.
وبعد وفاة والد تلك الفتاة فإن كان قد عقد زواجها قبل وفاته فلا إشكال في صحة الزواج، وإن لم يكن قد عقد العقد كان الواجب أن يزوجها أخوها إن كان لها أخ بالغ، لكن ما دام الأب قد وصّى إخوته بتزويجها، فتزويجهم صحيح.
قال ابن قدامة: واختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله هل تستفاد الولاية في النكاح بالوصية؟ فروي أنها تستفاد بها. وهو قول الحسن و حماد بن أبي سليمان و مالك. المغني.
وما فعلته هذه الفتاة من الانتقال إلى بيت أبيها حتى يزوجّها لا يعد عقوقا لأمّها، كما أنّ رضاها بعدم كتابة زوجها لمؤخر الصداق أو قائمة المنقولات، لا حرج فيه، لكن إذا كانت قد قاطعت أمّها وهجرتها فذلك من العقوق وهو من أكبر الكبائر وعليكم أن تنصحوها في ذلك وتبينوا لها أنّ برّ أمّها من أوجب الواجبات عليها وأنّ حقّها عليها عظيم، وما دامت الفتاة سعيدة مع زوجها فينبغي لأمّها وإخوتها أن يسعدوا بذلك، وليحذروا من الإفساد بينها وبين زوجها فإنّ ذلك من المحرمات، ولا يجوز لأمّها أن تدعو عليها، وإنّما ينبغي أن تدعو لها بالصلاح والهداية، فإن دعوة الوالدين لولدهما من الدعوات التي لا ترد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
وأمّا عن صحة قاعدة: كما تدين تدان، فهذا لفظ حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ضعّفه أهل العلم، وقد ورد في الشرع ما يدلّ على أنّ الجزاء من جنس العمل، لكن إذا تاب الإنسان فإنّ التوبة تمحو ما قبلها، وانظري الفتوى رقم: 19031.
والله أعلم.