الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت أيها السائل -بارك الله فيك- عندما تحريت حكم الله سبحانه في هذه الأمور المحدثة التي تحدث في عقد الزواج مما يسمى بالكوشة ونحوها والتي ابتلي بها المسلمون في هذا الزمان بسبب تقليدهم للأمم غير المسلمة التي لا تراعي دينا ولا خلقا ولا حياء ولا مروءة، وقد بينا حكم هذه العادة ومفاسدها في الفتوى رقم: 9661.
وما دمت قد علمت حكم هذه الأمور المنكرة فلا يجوز لك أن تطيع فيها أمك ولا أباك وأولى غيرهما من عمة ونحوها، لما تقرر في الشريعة وعلم من الدين بالضرورة أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق جل وعلا، فالواجب عليك أن تمتنع عن مثل هذه المنكرات ولو أدى ذلك إلى غضب أهلك منك، وعليك أن تبين لهم أن امتناعك ليس لأجل التعنت أو الهوى وإنما لأجل الحكم الشرعي، وذكرهم بأن الزواج نعمة من أعظم نعم الله على العبد فكيف تقابل النعمة بمثل هذه المعاصي، لا شك أن هذا من الكفران للنعمة والجحود لحق المنعم جل وعلا.
ونذكرك بأن مثل هذه المنكرات التي يرتكبها الزوجان قبل العقد وأثناءه غالبا ما يعاقبون بها بعد الزواج فتجد الشقاق قد دبّ بين الزوجين دون سبب ظاهر ومزقتهما الخلافات والعداوات، وقد ينتهي الأمر بهما إلى الطلاق وكل ذلك من جراء المعاصي وشؤمها.
أما ما يسمى بـ "الملجة" فحكمها في ذلك حكم هذه الكوشة إن اشتملت على نفس المحظورات من حضور النساء الأجنبيات في زينتهن يراهم العريس ويريْنه وهذا كثيرا ما يحدث لأن الحضور يحرصون في مثل هذه المناسبات على أن يكونوا في كامل الزينة.
بل لو حضر النساء ملتزمات باللباس الشرعي فإن الأمر لا يسلم من الحرج أيضا فإن وجود الرجل بين نساء أجنبيات بجوار زوجته تطعمه ويطعمها ويلبسها زينتها لا شك أنه يتضمن إثارة الغرائز وتهييج الشهوات خصوصا بين النساء العازبات، وهذا فيه ما فيه من فتح أبواب الفتنة.
ولا يحتاج الأمر إلى اشتراط مثل هذا في العقد ولا يلزمك ذلك فالأمر أيسر من كل هذا، ما عليك هو أن تمتنع عن فعل كل ما فيه معصية لله سبحانه.
والله أعلم.