الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولاً أن أكل الربا من أكبر الذنوب وأعظمها إثماً وحسبك في ذلك قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ.. {البقرة: 277-287}، وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم: لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه.
فعليك أولاً بالتوبة النصوح إلى الله عز وجل والندم على ما فرط منك، والعزم على عدم العودة إلى هذا الذنب العظيم، ثم إن كنت قد اشتريت هذا البيت بمال اكتسبته من الربا كفوائد البنوك فإن هذا لا يحل لك.
والواجب عليك مع التوبة إلى الله تعالى مما اقترفته من الإثم العظيم، أن تتصدق بجميع المال الذي اكتسبته من الربا، وأما ما نشأ عن هذا المال من الأرباح ففيه لأهل العلم أقوال، أعدلها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يقسم بين من اتجر به وبين مالكه، وعليه فإنك تتصدق بنصف الربح إضافة إلى رأس المال ولك نصفه.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: إن كان جميع ما بيده أخذه من الناس بغير حق.. مثل أن يغصب مال قوم بافتراء يفتريه عليهم.. فهذه الأموال مستحقة لأصحابها، ومن اكتسب هذه الأموال بتجارة ونحوها فقيل: الربح لأرباب الأموال، وقيل: له إذا اشترى في ذمته، وقيل: بل يتصدقان به، لأنه ربح خبيث، وقيل: بل يقسم الربح بينه وبين أرباب الأموال كالمضاربة، كما فعل عمر بن الخطاب في المال الذي أقرضه أبو موسى الأشعري لابنه دون العسكر، وهذا أعدل الأقوال. انتهى بتصرف.
وأما مصرف هذا المال فقد بينه شيخ الإسلام، فقال رحمه الله: وما تصدق به فإنه يصرف في مصالح المسلمين فيعطى منه من يستحق الزكاة ويقري منه الضيف، ويعان فيه الحاج، وينفق في الجهاد وفي أبواب البر التي يحبها الله ورسوله كما يفعل بسائر الأموال المجهولة، وهكذا يفعل من تاب من الحرام وبيده الحرام لا يعرف مالكه. انتهى.
وأما إن كنت قد اشتريت هذا البيت بقرض ربوي، فإنه ملك لك وربحه كذلك ملك لك وإنما عليك إثم دفع الربا فيجب عليك التوبة إلى الله عز وجل منه، والندم على ما اقترفته من الإثم والعزم الصادق على عدم معاودة هذا الذنب العظيم.
والله أعلم.