الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولاً أن الحديث الأول وهو حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قد رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وأما حديث أنس فقد رواه مسلم، ففي ذكرك لمجرد تصحيح الشيخ الألباني له قصور واضح في تخريجه، وأما حديث بريدة بن الحصيب فقد رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه. وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فيه دليل للجمهور الذين ذهبوا إلى أن تارك الصلاة كسلاً لا يكفر كفراً يخرجه من الملة بل هو كفر دون كفر.
قال الشيخ الألباني في كتابه: حكم تارك الصلاة: فالحديث دليل قاطع على أن تارك الصلاة إذا مات مسلماً يشهد أن لا إله إلا الله أنه لا يخلد في النار مع المشركين. ففيه دليل قوي جداً أنه داخل تحت مشيئة الله تعالى في قوله: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء. انتهى.
ويكون الإشكال قائماً على قول من ذهب إلى أن تارك الصلاة كسلا خارج عن ملة الإسلام وهو المشهور من مذهب الحنابلة.
قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرحه على سنن أبي داود: فيمكن أن يكون المعنى أنهم ما عملوا شيئاً بقي لهم أو ينفعهم، لا أنهم دخلوا في الإسلام وشهدوا أن لا إله إلا الله ثم لم يسجدوا لله سجدة، ولم يطعموا مسكيناً، ولم يحجوا ولم يصوموا يوماً من الدهر. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين في رسالته عن حكم تارك الصلاة: ولم يرد في الكتاب والسنة أن تارك الصلاة ليس بكافر أو أنه مؤمن، وغاية ما ورد في ذلك نصوص تدل على فضل التوحيد، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وثواب ذلك وهي إما مقيدة بقيود في النص نفسه يمتنع معها أن يترك الصلاة، وإما واردة في أحوال معينة يعذر الإنسان فيها بترك الصلاة، وإما عامة فتحمل على أدلة كفر تارك الصلاة، لأن أدلة كفر تارك الصلاة خاصة والخاص مقدم على العام. انتهى.
والله أعلم.