الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يرزق أباك التوبة، وأن يصلح أمره، وأن يهديه الصراط المستقيم. وإن صح ما ذكرت من أحوال أبيك فإنه يكون قد ارتكب عدة منكرات، ومنها مشاهدته للأفلام الإباحية وإدمانه عليها، وإقامته علاقة مع بعض الفتيات، إضافة إلى هجره لأمكم – إن كان هذا الهجر على وجه غير مشروع أو لغير مسوغ شرعي – وراجعي الفتاوى: 3605 ، 70108، 35221.
ومن أهم ما نوصيكم به هو كثرة دعاء الله تعالى أن يهديه إلى الحق، وأن يرده إلى جادة الصواب، فإن أمر الهداية إلى الله تعالى، قال سبحانه: مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {الأعراف:178}
فلعل دعوة صالحة من أحدكم توافق ساعة إجابة تغير حاله وتصلح من شأنه، هذا بالإضافة إلى نصحكم له بأسلوب طيب، أو الاستعانة بمن له تأثير عليه، فهذا كله من أعظم إحسانكم إليه، والذي هو واجب عليكم، فإساءته لا تسقط عنكم بره والإحسان إليه، كما بينا بالفتوى رقم: 56480.
ومن هنا فلا يليق بك ولا يجوز لك نعت أبيك بمثل هذه الألفاظ القبيحة من مثل قولك: يتعامل معنا بكل نفاق. ونحو ذلك. فإن هذا من العقوق.
وأما بخصوص النفقة فالواجب شرعا على الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده الصغار الذين لا مال لهم بما يحتاجون إليه من المأكل والمشرب والمسكن والملبس، وما زاد على ذلك فلا يجب عليه، وقد أوضحنا ذلك بالفتوى رقم: 74240 . ولو أنفق أكثر من ذلك من غير إسراف فهو فضل، فلا يلام إن لم يفعله.
وأما أخوكم فلم يرتكب خطأ إن كان ما قام به هو مجرد نصحه لتلك الفتاة بالبعد عن أبيه، وكان الأولى أن لا يتولى نصحها بنفسه بل يولي ذلك إحدى محارمه من النساء. وعلى أية حال، فهجر أبيكم له وعدم تكليمه له ليس هجرا مشروعا ولا يجوز، وراجعي الفتوى رقم: 7119.
والغالب حب الأب لأبنائه وهو ما كان حاصلا معكم من أبيكم، وتغير هذا الحب إلى كره له أسبابه في الغالب، فينبغي أن تلتمسوا هذه الأسباب، فربما كان قد حدث منكم تقصير معه، أو فعلتم أمرا أساء فهمه، فإذا علم السبب فينبغي أن يعالج بما يناسبه من العلاج.
والله أعلم.