الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالإنسان لا يعذر بجهله في الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، والمشهورة بين عامة الناس كوجوب الصلاة والزكاة والصوم والحج، وحرمة الزنا والخمر والميتة والخنزير اللهم إلا إذا كان حديث عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة.
وأما ما ليس معلوماً من الدين بالضرورة فيعذر فيه بالجهل، ويختلف ذلك باختلاف الناس والبيئات كما هو مبين في الفتوى رقم: 19084.
وعلى ذلك، فإن وقع الشخص في بعض المعاملات المحرمة جاهلا بحرمتها، ولم تكن حرمتها من الأمور المشهورة بين الناس، فلا إثم عليه إن شاء الله، ولا مانع من أن يستجيب الله دعاءه بفضله ورحمته.
لكن إذا علم بحرمة ما في يديه من مال، فيجب عليه التخلص منه بصرفه في أعمال البر والمصالح العامة. وانظر الفتوى رقم: 50478.
وأما الانتفاع بكهرباء العمل فإن كانت جهة العمل تأذن بذلك نصا أو عرفا، فلا حرج وإلا فلا يجوز ذلك. وانظر الفتوى رقم: 114546، وما أحيل عليه فيها.
وأما قراءة الصحف وغيرها أثناء العمل، فإذا كان يترتب عليها إخلال بالعمل فلا يجوز ذلك، وأما إن كانت قراءتها لا تخل بالعمل في قليل ولا كثير، فلا حرج في ذلك. لكن يحترز من الصحف والجرائد المشتملة على الصور المحرمة كصور النساء مكشوفة العورة، وكذلك الصحف والمجلات الداعية إلى الفساد. وانظر الفتوى رقم: 24466.
وأما الخروج من العمل لقضاء حوائج شخصية فهذا يرجع فيه إلى لوائح وقوانين العمل، فإن كانت تسمح للعامل بذلك فلا حرج، وإلا فلا يجوز ذلك. وانظر الفتوى رقم: 42937، والفتوى رقم: 52476.
وعلى المسلم أن يحرص على تعلم أمور دينه، فإن إعراضه عن طلب ما يحتاج إليه من العلم يجعله غير معذور بجهله؛ لأنه يكون حينئذ عاصيا بجهله وتفريطه. وانظر الفتوى رقم: 100423.
وما ذكرناه إنما هو بشأن رفع الإثم في ارتكاب بعض المخالفات جهلا، أما إعفاء الجاهل من المسئولية عموما فليس على إطلاقه، فحقوق الآخرين لا تسقط بالجهل، وكذلك هناك من شروط العبادات والمعاملات ما لا يسقط بالجهل. وبسط الكلام في هذا لا يتسع المقام له.
والله أعلم.