الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق لنا بيان حكم العمل بوظيفة مندوب دعاية لشركة أدوية، في الفتوى رقم: 112921. فيرجى الاطلاع عليها للفائدة.
وأما بالنسبة لخصوص السؤال، فمبنى الجواب على العلم بكون مندوب الشركة يعتبر أجيرا خاصا لديها، والأجير الخاص أمين على أموال مؤجره، ويده على هذه الأموال يد أمانة، ومعنى ذلك أنه لا يجوز له التصرف فيها إلا بإذن المستأجر (الشركة) ويقابل ذلك أنه إذا تلف شيء أو هلك من أموال الشركة لا يضمن الأجير الخاص إلا في حالة التعدي والتفريط، كما سبق بيانه في عدة فتاوى، منها الفتوى رقم: 80041.
وعلى ذلك فتصرف مندوب الدعاية في المواد الدعائية التي يستلمها من شركته يجب أن لا يخرج عن الحدود التي ترسمها له الشركة، فإن كانت تقصرها على الأطباء مثلا، فلا يجوز له توزيعها على غيرهم، وإن كانت تسمح بغير ذلك فلا بأس بالتصرف في حدود المسموح. ومن خرج عن هذا الحد فهو آثم، ولا يجوز قبول هذه العينات والهدايا منه.
ولا يخفى أن الحدود المسموح بها في هذه الأمور تختلف من شركة لأخرى، ومن دولة لأخرى، ولا يسعنا السؤال عن ذلك، فكل مندوب ينبغي أن يتعرف على قواعد الشركة التي يعمل بها في مثل هذه الأمور ويلتزم بها، ثم ينبغي أن يتحرى الحلال ويجتنب ما يتشابه عليه. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الحلال بين وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. متفق عليه.
وأما بالنسبة للشطر الثاني من السؤال، فالأصل أنه لا يجوز للزوجة أن تتصرف في مال زوجها ولو بالتصدق، إلا بما جرى به العرف من الأشياء اليسيرة التي يتسامح فيها، وأما ما سوى ذلك فلا بد من إذنه أو علمها برضاه بذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته عام حجة الوداع: لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها. قيل: يا رسول الله ولا الطعام؟ قال: ذاك أفضل أموالنا. رواه الترمذي وحسنه، وأبو داود وابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني.
فإن فعلت المرأة ذلك بإذن زوجها، أو إذا علمت رضاه بذلك، كما هو حال السائلة الكريمة، كان لها ولزوجها أجر بذلك حتى ولو لم يعلم الزوج، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره فله نصف أجره. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إذا تصدقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة كان لها أجرها ولزوجها بما كسب وللخازن مثل ذلك. متفق عليهما. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 9457 ، 80772، 28821.
ولا شك أن إخراج مثل هذه الصدقات مما يطهر المال وصاحبه من آثار الذنوب، كما قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا. {التوبة: 103}. قال الطبري: (تُطَهِّرُهُمْ) من دنس ذنوبهم. اهـ.
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم. رواه أبو داود. وروي أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من بني تميم: تخرج الزكاة من مالك فإنها طهرة تطهرك. قال المنذري والهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. انتهى.
ولا بأس بجعل هذا المال في بناء المساجد أو غير ذلك من أعمال الخير.
والله أعلم.