الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان هذا الرجل لا يزال واعيا مدركا لما يفعل، فلا حرج في تصرفه في ماله بالبيع إن لم يكن في ذلك محاباة للغير، ففي المدونة: أن مالكا قال في بيع المريض وشرائه إنه جائز إلا أن تكون فيه محاباة فيكون ذلك في ثلثه. هـ.
وقال الدسوقي: المريض لا يحجر عليه في المعاوضات وإن حجر عليه في التبرعات بالنسبة لما زاد على ثلثه. هـ.
وقال الباجي في المنتقى: إذا ثبت أن حكم الحجر يلحق المريض في ثلثي ماله لحق الورثة، فقد قال القاضي أبو محمد في معونته أنه يتعلق به حكم الحجر فيما زاد على قدر حاجته من الإنفاق في الأكل والكسوة والتداوي والعلاج وشراء ما يحتاج إليه من الأشربة والأدوية وأجرة الطبيب ويمنع من السرف وما خرج عن العادة، لأن ذلك إخراج مال على غير عوض يستفيده أو ورثته فكان في معنى إضاعته، وذلك ممتنع قال: وله أن يتصرف في ماله بالبيع والشراء، لأن حق الورثة لم يتعلق بعين المال، وإنما تعلق بمقداره.
وروى ابن وهب عن مالك في المجموعة: ولا يمنع المريض من البيع والابتياع إذا لم يكن في ذلك محاباة أو ضرر بالورثة. قال ابن القاسم وأشهب: وهبته للثواب كبيعه. هـ.
و قال ابن قدامة في المغني: وبيع المريض كبيع الصحيح في الصحة وثبوت الشفعة وسائر الأحكام إذا باع بثمن المثل ـ سواء كان لوارث أو غير وارث ـ وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد.
وقال أبو حنيفة: لا يصح بيع المريض مرض الموت لوارثه، لأنه محجور عليه في حقه، فلم يصح بيعه كالصبي.
ولنا أنه إنما حجر عليه في التبرع في حقه، فلم يمنع الصحة فيما سواه كالأجنبي إذا لم يزد على التبرع بالثلث وذلك لأن الحجر في شيء لا يمنع صحة غيره. هـ.
وأما إن كان غير واع فقد نص الفقهاء على مشروعية الحجر على من كبرت سنه وتغير عقله، لأنه لا يحسن التدبير وتصريف المال كالمجنون والمعتوه ونحوهما، وقد روى عبد الرزاق في مصنفه: أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن الشيخ الكبير الذي قد ذهب عقله أو أنكر عقله، فكتب إليه إذا ذهب عقله أو أنكر عقله حجر عليه. هـ.
والله أعلم.