الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد
فالظاهر أن نفع السائل الكريم لهذا العامل مقتصر على الشفاعة له أو كفالته بما له من جاه، فإن كان كذلك فلا يجوز أخذ شيء في مقابل ذلك، فإن الكفالة من عقود الإرفاق وليست محلاً للمعاوضات، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شفع لأخيه بشفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا. رواه أبو داود وأحمد. وحسنه الألباني.
اللهم إلا إن كان السعي في هذه الخدمة للعامل يحتاج إلى تعب أو سفر أو نفقة لاستخراج اللازم من الأوراق، فحينئذ يجوز أخذ أجرة المثل دون زيادة عليها ولا الربح فوقها، كما سبق التنبيه عليه في الفتويين: 4714، 5264.
وينبغي أن يحتسب السائل الكريم الأجر العظيم على هذا العمل، فإنه من أجل الأعمال وأحبها إلى الله، كما قال تعالى: مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا. {النساء:85}.
قال ابن كثير: أي من سعى في أمر فترتب عليه خير كان له نصيب من ذلك. انتهى.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم أو يكشف عنه كربة أو يقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد -يعني مسجد المدينة- شهراً. ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام. رواه الطبراني وحسنه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: اشفعوا تؤجروا. وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته. متفق عليهما. وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. وقال صلى الله عليه وسلم: من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه.
والله أعلم.