الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما يفعله هذا الإمام من سب الناس من الأمور المنكرة التي لا تليق بآحاد المسلمين فضلا عمن يتصدر لإمامتهم في الصلاة.
وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.
وأما ما يفعله من ادعاء أنه أعلم أهل المسجد فشيء لا يليق كذلك، إذ أن ما في القلوب من العلم لا يطلع عليه إلا الله تعالى، ولو فرض صحة ما يدعيه، فإن الأولى بالعالم أن يتواضع ويخفض جناحه للمسلمين.
وقد قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه: ليس العلم عن كثرة الرواية، إنما العلم الخشية.
وكذا ما يفعله من إطالة الخطبة هو أمر مخالف للسنة، وفي حديث عمار بن ياسر ـ رضي الله عنه ـ الثابت في الصحيح: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه.
فناصحوه بلين ورفق وبينوا له خطأ ما يأتي به من الأفعال، واذكروا له كلام أهل العلم في ذلك لعله يراجع الصواب، ولا حرج عليكم إن صليتم في المسجد الآخر إن كان إمامه يحسن الصلاة ويأتي بأركانها وواجباتها على وجهها، وكذا لا حرج عليكم إن صليتم الجماعة في بيوتكم أو أماكن عملكم، لأن الجماعة في المسجد ليست واجبة على الراجح وإن كان الفضل العظيم والثواب الجزيل يفوتكم إن فعلتم ذلك.
وانظر الفتوى رقم: 128394.
وأما الجمعة فلا بد من شهودها في المسجد حيث ينادى بها، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{الجمعة:9}.
وأهم ما يعتبر في المسجد الذي تختاره للصلاة فيه هو ما يحصل به الخشوع ويكمل بالصلاة فيه مقصود الصلاة من الإقبال على الله والحضور في الصلاة، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 124518.
وهذا الإمام الذي يصلي بمن يكرهونه لسبب شرعي قد يكون معرضا نفسه للإثم وصلاته للحبوط، وقد دلت على ذلك جملة من الأحاديث.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: وأحاديث الباب يقوي بعضها بعضا فينتهض للاستدلال بها على تحريم أن يكون الرجل إماما لقوم يكرهونه، ويدل على التحريم نفي قبول الصلاة وأنها لا تجاوز آذان المصلين ولعن الفاعل لذلك.
وقد ذهب إلى التحريم قوم، وإلى الكراهة آخرون، وقد روى العراقي ذلك عن علي بن أبي طالب والأسود بن هلال وعبد الله بن الحارث البصري.
وقد قيد ذلك جماعة من أهل العلم بالكراهة الدينية لسبب شرعي، فأما الكراهة لغير الدين فلا عبرة بها وقيدوه أيضا بأن يكون الكارهون أكثر المأمومين ولا اعتبار بكراهة الواحد والاثنين والثلاثة إذا كان المؤتمون جمعا كثيرا. انتهى.
وعليه، فنحن ننصح هذا الإمام بالحذر من الوقوع في هذا الخطر وأن يبادر بإصلاح هذه الأخطاء التي لأجلها كرهه من كرهه من المصلين.
والله أعلم.