الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأبشري - أيتها السائلة - بما تجدين في قلبك من هذا الندم الذي يقض مضجعك ويقلق حياتك، فإن الندم علامة من علامات التوبة الصادقة، قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: الندم توبة. رواه أحمد وابن ماجه من حديث عبد الله بن مسعود، وصححه الألباني.
ولكن ينبغي لك أن توجهي هذا الندم في الاتجاه الصحيح بمعنى: أن يكون باعثاً لك على المداومة على التوبة والإكثار من الأعمال الصالحة المكفرة، واحذري أن يستزلك الشيطان فيخرج بك الندم إلى الحد المذموم الذي يقعدك عن العمل الصالح، ويضيع عليك مصالح الدنيا والآخرة.
وأما ذكرك للموت، فإنه من الأمور الحسنة الجميلة التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أنس ـ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بمجلس وهم يضحكون فقال: أكثروا من ذكر هادم اللذات ـ أحسبه قال ـ فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه، ولا في سعة إلا ضيقه عليه. رواه البزار وغيره، وحسنه الألباني.
لكن ينبغي أن يوجه هذا أيضاً في الاتجاه الصواب، فيكون محفزاً على العمل وباعثاً عليه، لا مثبطاً عنه، ولا معطلاً عن القيام بمصالح الدين والدنيا على السواء.
أما ما تعانين منه من آثار الغيرة فهذا ثمرة من ثمرات ضعف اليقين وقلة الرضا بقضاء الله سبحانه، ولو استقر في قلبك اليقين بأن الأمور كلها بيد الله، وأن أفعاله سبحانه كلها بعلم محيط وحكمة بالغة، وأن قضاءه دائماً لعبده المؤمن هو الخير ـ وإن ظهر في صورة الشر ـ وهو العطاء ـ وإن ظهر في صورة الحرمان ـ أقول: لو استقرت هذه المعاني في قلبك لما استزلك الشيطان إلى هذه الأضغان والأحقاد، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 114953، 9803، 106294 ، ففيها الحديث عن الرضا بالقضاء وأثره في الحياة الهانئة السعيدة.
وفي النهاية ننصحك بأن تقبلي على ما ينفعك في أمر دينك ودنياك، وأولى ما تشتغلين به هو التوبة والاستغفار مما كان منك من علاقتك بهذا الشاب، ثم عليك بمصاحبة أهل الخير والعلم من النساء الصالحات القانتات، فهؤلاء نعم العون لك على طاعة الله سبحانه، وننصحك أيضاً بمراسلة قسم الاستشارات في الموقع، ونذكرك بأن سفر المرأة غير جائز إلا بمحرم، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 32845.
والله أعلم.