الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشيطان حريص على إغواء العبد، وقد أقسم بعزة الله على ذلك، قال الله تعالى حاكياً عنه: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [ص: 82 - 83]، والعبد المسلم لا بد أن يعلم أن الشيطان هو أعدى أعدائه، ولا بد أن يعامله معاملة العدو: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا [فاطر: 6].
والوسائل التي تنجي من الوقوع في حبائل الشيطان وتبعد العبد عن معصية الله كثيرة منها:
أولاً: مراقبة الله، واستحضار عظمته، وخصوصاً عند الخلوة، قال الشاعر:
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ســاعـة ولا أن ما تخفي عليه يغيـب
وقال الآخر:
وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
ثانيا: عدم الانسياق وراء خطوات الشيطان، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [النور:21]، فخطوات الشيطان كالسلسلة، من انساق وراءها لم تنته، وكل خطوة أعظم من التي قبلها، إلا أن يتدارك الإنسان نفسه بالإقلاع والتوبة.
ثالثاً: التوبة من كل ذنب، فالذنب قد يحصل من المسلم، ولكن الواجب عند ذلك هو الإقلاع والتوبة، وليس الاستمرار والإصرار، قال تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران: 135]، وقال صلى الله عليه وسلم: كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. رواه الترمذي.
رابعاً: تذكر الموت ولقاء الله، فإن من تذكر أن الموت يأتي بغتة، وأنه سيلقى الله وسيسأله عن عمله، فإنه سيرتدع عن الذنب.
خامساً: اللجوء إلى الله بالدعاء بأن يوفقه لفعل الطاعات، وترك المنكرات، والله لن يخيب من دعاه، قال سبحانه: فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186].
سادساً: الإكثار من النوافل بعد المحافظة على الفرائض، فإن من أكثر من النوافل وفقه الله وسدد خطاه، فقد روى البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قال الله تعالى: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ورجله التي يمشي بها، ويده التي يبطش بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه.
سابعاً: مجالسة الصالحين، وترك جلساء السوء، فإن جلساء السوء يجرون المرء إلى المعاصي، أما جلساء الخير فإنهم يرشدون المرء إلى الطاعات، وترك المنكرات بأقوالهم وأفعالهم.
نسأل الله أن يوفقنا لطاعته، وأن يجنبنا معصيته.
والله أعلم.