الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجزاك الله خيراً على تحريك الحلال وزادك الله حرصاً على الخير، فإنه من المعلوم أنه لا يجوز التلاعب بعداد الكهرباء ولا الاحتيال للتهرب من دفع رسوم استهلاكه، كما تقدم بيان ذلك في الفتويين: 8936، 39190.
وقد ذكر السائل الكريم أن أهله يدفعون مبلغاً قليلاً للكهرباء، وهذا معناه أن هذه المنفعة فيها جزء ولو يسيرا من الحلال، والانتفاع بالمنافع المختلطة حكمها كحكم معاملة أصحاب الأموال المختلطة، وهي محل خلاف بين أهل العلم بين قائل بالتحريم وقائل بالجواز مع الكراهة، والمفتى به في الشبكة أنها مكروهة، كما سبق بيانه في عدة فتاوى منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 7707، 70068، 27917. وعلى ذلك فاستخدام الأجهزة الكهربائية الموصلة بهذه العددات مكروه وليست حراماً. ويتفرع على ذلك حكم طاعة الوالدين في استعمال الكهرباء لحاجة لهما، فإن قلنا بعدم الحرمة فلا حرج على السائل في طاعتهما في ذلك.
أما بالنسبة للطعام الذي يصنع بهذه الكهرباء وإن كان اجتنابه بقدر الإمكان هو الأورع والأحوط، إلا أن ذلك لا يعني حرمة أكله، لكونه في نفسه حلالاً، وهو في أسوأ أحواله قريب من حكم الماء المسخن بمغصوب، وقد نص فقهاء الحنابلة على كراهة استعماله في الوضوء، وفي رواية أخرى عندهم أنه غير مكروه. والمقصود أن هذا الطعام وإن كره إلا أنه لا يحرم لاسيما والأهل يدفعون شيئاً ولو قليلاً من ثمن الكهرباء. وعلى أية حال فيجب عليك إنكار ذلك المنكر وعدم الرضا والسكوت عليه، واجتناب ما يمكن اجتنابه مما تستعمل فيه الكهرباء، فقد قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. {التغابن:19}، وقال صلى الله عليه وسلم: وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه. وتراجع في ذلك الفتويين: 54520، 17234.
والله أعلم.